+ A
A -
دعيت كليمانتين زوجة رئيس وزراء بريطانيا تشرشل لإلقاء خطاب في المدرسة التي درست فيها، وكان عمرها آنذاك اثنين وستين عاما، وفي نهايته أشارت إلى التجاعيد التي بدت تظهر على وجهها وقالت: «إنني سعيدة بها، لأنني أرى فيها الأخطاء العديدة التي وقعت فيها خلال حياتي الطويلة... نصيحتي اليكن أن تتخلصن من سياسة العنف، فليس هذا أسلوب المرأة عندما تجد نفسها منافسة للرجل في الحياة العامة..إن أقوى سلاح يمكن ان تستخدمه المرأة في حربها الدائمة هو رقتها.. ونعومتها.. وأنوثتها.. فالمرأة التي تحاول أن تفرض رأيا تفقد أهم صفاتها.. تفقد أنوثتها! كل امرأة تستطيع أن تكسب كثيرا إذا تمسكت برأيها.. ولكن في هدوء، حتى إذا وجدت الفرصة سانحة، راحت تجاهر به في هدوء وهي تبتسم» هذه الابتسامة كما يقول «تشرشل» انقذته من نقمة نساء بريطانيا عندما وقف بينهن خطيبا عام 1911، فقد كانت كليمانتين تقف بجانبه، وتوزع ابتساماتها وتحياتها على الالوف من نساء بلدها اللواتي اجتمعن ليطالبن بحق التصويت، وكان تشرشل كعادته لا يفوت فرصة للاعتراض بعنف على كل كلمة تقال، وفجأة وجد نفسه يخفف من هجومه، وذلك عندما وجد الأيادي ترتفع لترد على تحية زوجته، وقد تبدلت ملامح وجوههن من الحدة إلى الانشراح، وخففن من كيل الشتائم له احتراما للمرأة اللطيفة التي فاجأتها آلام الوضع في نهاية الاجتماع، وتم نقلها للمستشفى لتضع مولودها الأول.
وفي الحرب العالمية الثانية، واثناء تعرض لندن للغارات الجوية الالمانية، ذهب النواب الإنجليز إلى بيت تشرشل، ووقفوا يتوسلون إلى زوجته ان تفعل شيئا لتمنعه من الاستمرار في الرحلات الجوية التي كان يقوم بها فوق القنال الإنجليزي وسط نيران المدافع.. ووقف تشرشل صامتا ينتظر رد زوجته على هذا الطلب.. فإذا بها تبتسم وتقترب منه وتضع يدها على كتفه لتحسم الأمر بقولها: «اذا كان المئات من الشباب البريطاني يعبرون القنال بطائراتهم يوميا ويتعرضون للموت، فأنا لا أجد سببا يمنع زوجي من أن يفعل مثلهم، لا بد له من ان يؤدي واجبه هو أيضا».
وحدث ان أراد أحد الناخبين إحراجها أمام الناس، فمرر لها قصاصة من احدى الصحف وهي واقفة أمام الميكروفون تناشد الجموع لانتخاب زوجها، وكانت هذه الورقة تحوي هجوما عنيفا من قبل زوجها على حزب المحافظين الذي ينتمي اليه والذي رشح نفسه من خلاله، لم تضطرب كليمانتين وانما قرأت ما جاء في القصاصة على الجمهور الملتف حولها بصوت عال، ثم علقت قائلة: «لقد تزوجت مستر تشرشل منذ أربعين عاما أو اكثر قليلا... وهذا التصريح المنشور قد مضى عليه أكثر من اثنين وأربعين عاما...أي قبل أن أبدأ محاولاتي للتحكم في سلوكه والسيطرة عليه» وكان معروفا عن رجل السياسة الداهية «تشرشل» انه لا يحترم مواعيده، ويتلذذ وهو يرى الناس تنتظر وصوله وهو ينعم بحمامه الساخن الذي يستغرق نصف يومه، اذ ان المياه المتدفقة توحي له بأفكار جديدة حسب قوله، لكن كليمانتين علمته كيف يحترم المواعيد، وكانت وراء أهم وأخطر قراراته.
وفي خلال الحرب العالمية الثانية وكان يومها شيخا جاوز الستين، راحت تدق أبواب المنازل، وتطلب من ربات البيوت أن يتبرعن بكل ما لديهن من أوانٍ وحلل ألومنيوم، والتي ساهمت في إنتاج طائرة «السبيتفاير» أحدث طائرة قتال ساهمت في انتصار بريطانيا في المعارك الجوية مع طائرات هتلر، يومها قال تشرشل: لقد قدمت لي زوجتي ألذ وأعظم وجبة في حياتي.
بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
05/04/2017
1875