+ A
A -
إن الزواج المبكر بين الأمس واليوم سواء في البيئة الصحراوية البدوية أو الحضرية، حيث أن لكلا البيئتين وضعا ًخاصا ًوذلك لأن لاختلاف البيئات أثرا ً جوهـريا في اختلاف العادات الاجتماعـية بين الناس في مسألة الزواج، حيث البيئة تتحكم في هـذا الزواج، وتحدد الأعـمار أيضا، فالبيئة البدوية مثلا في المجتمعات العـربية وليس في مجتمعـنا الخليجي «البدوي» تدفع الفـتاة دفعا ً للزواج في سن مبكرة فما تكاد تبلغ الرابعة عـشرة حتى تجد نفسها زوجة..! وهـذا ما كان يحدث فعلا في الأعـوام القليلة الماضية من القـرن الماضي وما زال يحدث عـند بعـض قـبائل البدو في الجـزيرة العـربية وبادية الشام، وحتى الفـتى عـند بلوغه السابعة أو الثامنة عـشرة، كان يُعـد مطالبا ً من قـبل عادات قـومه وبيئته في أن يصبح مسؤولا ً وأن يكوّن أسرة..
إن التعـبير المتداول في مجتمعـنا لتزويج الأطفال هـو تعـبير الزواج المبكر إن اصطلاح تزويج الأطفال بإمكانه أن يعـبر بشكل أفـضل وأدق عـن المعـنى الحقـيقي للظاهـرة، فهو تزويج وليس زواجا لأنه يفـتقـد إلى عـنصر الإرادة، فعامة يتم التأثير عـلى الفـتاة أو الفـتى للقـبول بفكرة الزواج من قـبل طرف ثالث بمختلف وسائل الإقـناع، حتى في حال اقـتناع الفـتاة الطفلة أو الفـتى الطفل فـمن الصعـب أن نتحدث عـن إرادة، لفقدان القـدرة عـلى اتخاذ القـرارات لعـدم اكـتمال البلوغ النفسي والعاطفي والاجتماعي، من الجانب الآخـر نعـتبره تزويج «لأطفال «لأن المواثيق الدولية تعـرّف الطفل بأنه كل من هـو دون سن الثامنة عـشرة، وهي تنص عـلى ضرورة توفـير الرعاية والحماية في هـذه المرحلة، إن تحميل الطفل الطفلة أعـباء الحياة الزوجية بكل متطلباتها مناقـض تماما ً للرعاية المطلوب توفـيرها له.. إن تزويج الأطفال لا يقتصر عـلى من هم دون الثامنة عـشرة وإنما هـو تزويج كل من لم يُتم بلوغه النفسي والاجتماعي والتعليمي والعـقلي والعاطفي والجسماني والجنسي.. بموجب هـذا التعـريف لا يمكن تحديد جيل يعـبر عـن سـن الزواج المفضل لأنه يختلف من شخص إلى آخر تبعا ً لاختلاف نموهم..
إن العـقل يصرخ ويقـول: هـذا خطأ، فكيف يمكن لطفلة أن تصبح زوجة، وكيف لها أن تتحمل المسؤولية عـلى عاتقها وهي بدون دراية أو خبرة، وكيف لهذه التي مازالت تلهو ببراءة الطفولة أن تتحمل أضعاف طاقـتها.. والفـتى الذي بدأ يخطو خطواته الأولى نحو درب الرجولة المبكرة التي تتكون فـيها شخصيته ويتهيأ لحياة المستقـبل، كيف يتحمل ما ينجم عـن زواجه من مشكلات.. أي عـقلية تجيز ذلك.؟!
أما البيئة الحضرية ومجتمع المدينة، فإنه يقـدر للمرأة دورها الفاعـل في المجتمع ويعـطيها حقها في اختيار زوجها، ويمكنها من التفاهم مع من تشاركه حياتها في حين يكون هذا في مجتمع البادية عـيبا وأي عـيب وكأنه من الكبائر.
ولكن نظرا لتطور الحياة وتقدمها ووجود أجيال بدوية متعلمة ومتفهمة للواقع، أدركت أهمية عـدم الاستعجال في تزويج أبنائهم مبكرا ً، وترك الفـرصة لهم في الاختيار وإن كان في نطاق محدود ولكن الأغـلبية أدركت الخطأ الفادح وأصبحت تتمهل وتتروى في اتخاذ قـرارات كهذه، حتى لا يكون الآباء سببا ً في تعاسة وشقاء الأبناء.. وحتى لا يردد الأبناء قول الشاعر: هذا جناه أبي علي...

بقلم : سلطان بن محمد
copy short url   نسخ
05/04/2017
2538