+ A
A -
مع أن مقالي الأسبوعي الذي أنشره في الوطن الغراء كثيرا ما يكون مستوحى من عنوانه وهو أن يكون بعيداً عن الرياضة.. إلا أن أحداث الفيفا الأخيرة أجبرتني على الخوض فيها رغم أن ما سأقوله ليس رياضياً..

فالفيفا ليس جسماً رياضيا فقط، وإنما كيان سياسي واقتصادي واجتماعي. ففي الشق السياسي من هذا الوصف يمكننا أن نرى وندرك أهمية وتحرك رجال السياسة في كسب وتعاطف الجماهير لأغراض انتخابية، وشاهدنا كيف استطاع رجال السياسة من خلال تأثيرهم ونفوذهم وتحركاتهم هنا وهناك أن يجلبوا لبلدانهم البطولات القارية والعالمية، إلى جانب التأثيرات الواضحة للسياسة في محيط اللعبة الشعبية الأولى، فمثلما كانت المباريات الرياضية مدخلاً لتحسين العلاقات، أو إذابة الجليد فيها، استخدمت المقاطعة الرياضية أيضاً للتعبير عن بعض المواقف السياسية !

واقتصاديا، يعرف الجميع أن بطولات كأس العالم تدر على هذا الكيان ملايين الدولارات من خلال حقوق النقل التليفزيوني وبيع التذاكر وقيمة بيع اللاعبين مما يعني أننا نتكلم عن منظمة تملك رأس مال لا تملكه الكثير من الدول. ليس هذا فقط، بل إن التسويق وما يتصل به قد لعب دوراً جوهرياً في تزايد أهمية الكرة، وتحولها إلى «صناعة» متكاملة الأركان.

ولهذا يرى البعض أن الفيفا تحول إلى إمبراطورية اقتصادية، وشبكة متداخلة بين شركات الدعاية والتسويق، ومؤسسات البث التليفزيوني، ومصانع المنتجات الرياضية، مع الاتحادات القارية والمحلية، والمسؤولين عن إدارة كرة القدم فيها.

أما الجانب الاجتماعي من عمل هذه المنظمة فهو يتعلق بتأثير الساحرة المستديرة في حياة الناس بمختلف البلدان والقارات، فهي تباعد وتقارب بين شعوب هذه الدول ولا يمكن أن نستثني مجتمعا من المجتمعات لم يتأثر بكرة القدم ومحيطها، فنرى اتفاقات تُبرم وعلاقات تُبنى بين الدول في إطار كرة القدم !

وأعود لعنوان المقال فأقول إنه يعكس «الزلزال» الجديد الذي أطاح برأس الهرم وهو بلاتر ونائبه وهو بلاتيني وأدى إلى إيقافهما ثماني سنوات وغرامة مالية وقبلهما أعضاء تنفيذيون تم سحبهم وسجنهم في السجون الأميركية والسويسرية وإبعادهم مدى الحياة عن كرة القدم، وكل ذلك سيكون- حسب ظني- مقدمة لتغيير قادم إذ علمت من مصادر مطلعة ومقربة مما يجرى في الفيفا أن هناك من يسعى لإزالة هذه المنظمة بالكامل واستبدالها بكيان آخر لا علاقة له بالكيان الحالي.

ولا أعرف كيف سيتم تشكيل هذا الكيان وإلى أين تمضي خطوات تأسيسه واختيار أعضائه ولكنني علمت أن أميركا هي التي تقود هذا التحرك وهي التي تسعى لبلورة صورته الجديدة. وبما أن أهداف الفيفا تعدت الغرف القضائية ووصلت إلى القضاء سواء السويسري أو الأميركي أو حتى الألماني وبعض دول أميركا الجنوبية، فهناك قضايا كثيرة مرفوعة على مسؤولين كانت لهم صلة بالفيفا من قريب أو بعيد.

لا أعلم حقيقة متى سيكتمل سيناريو «إزالة» الفيفا، وهل سيتم ذلك قبل الانتخابات القادمة في فبراير المقبل أم بعده، وإذا تمت هذه الخطوة قبل فبراير فإن منظومة الفيفا ستنجو من تبعات الزلزال الجديد !

ألم أقل لكم إن قضية الفيفا أكبر من الرياضة بعداً وعمقاً وتأثيرا في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية!

بقلم : ماجد الخليفي

copy short url   نسخ
26/12/2015
4001