+ A
A -
لا رحمة، ولا تراحم، ولا حب، في هذه المنطقة من العالم!
أوليس ذلك يبدو غريبا، وهذه المنطقة من العالم، هي المنطقة التي ألمت فيها الارض بأسباب السماء، وظل الإنسان فيها، على مر التاريخ، يغني للحب؟!
لحرب، ليست نقيض السلام، فقط، انها نقيض الحب، وليس هنالك من نقيض للحب، غير الكراهية.
الكراهية؟!
بلى.. ذلك ماأعنيه..
انظروا إلى ذلك الذي يجري، داخل كل دولة، من دول هذه المنطقة، من العالم.. انظروا إلى الشقاق الداخلي، ورفض الآخر للآخر، وانظروا إلى الحروب الأهلية، تلك التي اندلعت، وتلك التي تتسعر نيرانها،الآن، في الصدور!
أنظروا، وقارنوا..
قارنوا هذه المنطقة، بأي منطقة اخرى في العالم.
النتيجة: هذه الحالة، من الكراهية، لن تجدوا لها مثيلا!
لا تعايش في ظل الكراهية،
ولا وحدة،
ولا وئام وطنيا،
ولا سلام.
الكراهية هي الـ «لا» النافية لكل ذلك.. بل هي الـ«لا» النافية للحضارة،والمدنية،لا النافية للجنس!
على مر التاريخ، لم تقم في هذه الارض، حضارة بالكراهية.. ولم تقم معرفة: لا، لا معرفة الذات، ولا معرفة الآخر، ولا معرفة الله.
ذلك ما يقول به الفلاسفة،
والمفكرون،
وذلك ما يقول به الشعراء:
«أنا بالحب قد عرفت نفسي»
«وبالحب قد عرفت الله»!
الحب، ليس عاطفة، فقط،،إنه ثقافة.. والثقافة ـ في النهاية ـ سلوك.. وأغرب ما في هذه المنطقة، من العالم، انها لا تفعل ماتقول.. وما تقوله في الدواوين، وفي الشاشات، وفي الفيديو كليب، هو الحب، ولا عيب في «الحب الضيق» وإنما العيب، في الحب الذي لا ينداح: الحب الذي لا يخرج من نطاق الأنا، إلى الـ «انت».. وإلى الآخرين!
هل ثقافتنا ـ حتى في الحب ـ شفوية؟
السؤال كبير جدا، وموجع، فكيف الاجابة إذن.. كيف لنا أن نتوحد:
نقول ما نقول، ونفعل ما نقول؟
كيف يمكن لثقافتنا، ان تستحيل ـ في النهاية ـ إلى سلوك؟
أطرح السؤال، من جانبه الآخر: كيف يمكن لنا، أن نوقف نزيف الكراهية: كراهيتنا لأنفسنا، وكراهيتنا للآخر؟
الاجابة ـ بالتأكيد ـ تحتاج لوقفة طويلة، ومتجردة، ومسؤولة.. هذا بالطبع ـ اذا ما أردنا ـ جميعا ـ لهذه المنطقة من العالم، أن تخرج من الحالة التي هي فيها الآن.. وتخرج، من الحالة المعقدة جدا، التي تقول كل المؤشرات، إنها ستدخل- قريبا- في نفقها المظلم، والمخيف.
الحب، درجات..
لئن تحِب، تلك درجة. ولأن تحَب، تلك درجة، ولأن تُحِب وتُحَب، تلك درجة متقدمة.. لكن أعظم درجات الحب، أن تكون مثل الوردة، تلك التي تتضوع للبستاني، ولعابر الطريق، وللحطاب، دون أن تمد يدا، من أريج، لتطلب المقابل!
ثقافة الحب، في هذا المستوى المتقدم جدا، هي التي تشيع في المجتمع ـ أي مجتمع ـ روح التعايش الحقيقي، وروح الوئام الوطني، وروح السلام، وهذه الثقافة، تبدأ أول ما تبدأ، في البيت، حتى اذا ما انفتح الباب، جاء دور المدرسة، والشارع!
ثقافة الحب، تأخذ في درجة منها، معنى الاخذ والعطاء.. وتأخذ في درجتها المتقدمة جدا، معنى العطاء، دون أخذ، ودون مقابل.
المسؤولية مشتركة ـ إذن ـ ومتكاملة.. وهي تبدأ بالفرد، وتنتهي بالآخر.. وحين يبلغ هذا الانتهاء، منتهاه الجميل، تنتهي بالمجتمع كله.. وتلك هي البداية، للتعايش الحقيقي، والوئام، والسلام!
السلام.. ذلك ما نحتاجه نحن بشدة،وذلك ما تحتاجه، هذه المنطقة من العالم!

بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
03/04/2017
1289