+ A
A -
قال لي صديقي الورع، أنصحك ألا تكتب عن الجامعة العربية، ولا عن ذلك التجمع السنوي المسمى بالقمة العربية. كانت علامات الصرامة تكسو وجه صديقي ما يشي بأنه جاد في نصيحته، وهو ما جعلني أغالب الضحك وأدعي الجدية لأساله عن سبب النصيحة.
فقال مواصلا صرامته، لأنك ستنتقد المؤسسة والقمة، وهذا حرام
واصلت الحوار جادا رغم شعوري أنه سينقلب إلى الهزل والسخرية.. وما وجه التحريم يا صديقي الورع؟. فرد: يا عزيزي هذا كيان وهمي، ومن ثم فالكتابة عنه مضيعة للجهد والوقت اللذين سيسألنا الله عنهما، وباختصار شديد، فإن الانتقاد سيكون ضربا في «الميت» وكلنا يعرف أن «الضرب في الميت حرام»، وإذا كنت تريد دليلا فخذ عندك.. منذ تأسيس الجامعة العربية عام 1945، انعقدت أكثر من أربعين قمة عربية بين عادية وطارئة واقتصادية وتنموية، بدءا من أنشاص، وصولا إلى «الميت»، لم تنجح في جمع شمل العرب، ولا حققت أي نوع من أنواع الوحدة، أمنية كانت أو عسكرية، اقتصادية أو اجتماعية طبعا الحديث عن الوحدة السياسية لا يجوز أيضا.
- ألا ترى أن المواطن العربي من المحيط «الهادر» إلى الخليج «الثائر»، لم يلفت نظره في الاجتماع الميت على البحر الميت، إلا تلك المواقف الطريفة والكوميدية، التي حدثت في قاعة الاجتماعات، تماما كما كان نفس المواطن «الهادر إلى الثائر» ينتظر كلمات ومداخلات العقيد الراحل معمر القذافي، نظرا لما تضفيه على الجلسة، من إثارة وكوميديا، لأن المواطن يعلم، أن لا شيء سيحدث، ولا قرار سيتخذ، فلنضحك قليلا وكفانا كآبة.
- بمناسبة القرارات.. إذا قرأت بيانات كل القمم السابقة، فستجد تكرارا مملا لكلمات نطالب– ندعو– نؤكد- نشدد– نحث– نعرب، وإذا ما لاحظت لجنة الصياغة الرتابة في البيان، لجأت إلى كلمة، نجدد التأكيد أو المطالبة، بينما كلمات من قبيل قرننا، وتنويعاتها اللغوية، فتلك دونها خرط القتاد.
- أخيرا استطعت أن أقاطع صديقي الورع وأذكره بقمة الخرطوم الشهيرة، والقرارات التي صدرت عنها، واللاءات الثلاث التي أطلقتها، لا اعتراف– لا تفاوض– لا تنازل– لكنني ندمت على ما فعلت، فالبعض فاوض، والكل اعترف، والجميع تنازل، فختمنا الحوار بقراءة الفاتحة.
بقلم : محمود عيسى
copy short url   نسخ
02/04/2017
3134