+ A
A -
ربما أكون أنا، لكن لا دليل على ذلك!
تلك جملته هو، كارلوس.. وهو ينظر إلى القاضي فرانسوا سوتيت، فما كان من الأخير إلا أن يطاطئ عينيه!
كان القاضي يلحّ عليه، أن يعترف بمسؤوليته عن تفجير متجر في باريس، في العام 1974..
التفجير؟
تلك تهمة إرهاب، في الفقه القانوني، لكنها في فقه الثوار، هي تهمة ينكرها الثائر، أما المحكمة، وشرف يدعيه بينه وبين نفسه، وبينه وبين الثورة والرفاق!
إدعاء الشرف، في جملة كارلوس.. وفي جملته إنكار ضمني للتهمة.
من ذا الذي يريد ان أن يكون شاهدا على نفسه، ليدخل وراء الحوائط الضيقة الرطبة؟
من ذا الذي يريد ان يلف حبل المشنقة، حول عنقه؟
لم يسمع كارلوس سؤالي الأخير، لكنه رد عليه، وهو ينظر إلى القاضي: لو كشفت لك أي معلومات في قضية اختطاف وزراء اوبك في فيينا عام 1975 - وانا حينذاك كنت ضابطا في المقاومة الفلسطينية- فسأسلمك جسدي للموت!
أيضا،في هذه الجملة، شرف يدعيه كارلوس.. وجملة دفاعية، بليغة وضمنية.. وهو ينظر للقاضي: بالطبع، لن أشهد ضد نفسي، بنفسي!
المعاشرة، ليست معاشرة الجسد فقط. إنها في تجلياتها الباهرة معاشرة العقل والروح والخيال، أيضا.
وكارلوس، وهو يعايش زوجته المحامية ايزابيلا، (عيشت) في عقله وروحه وخياله، كل مفاهيمها في ماهية القضاء الواقف.. كل فهمها لكيفية الدفاع أمام القضاة، حتى ولو كان أحدهم القاضي فرانسوا سوتيت، ذلك الذي يعصر المتهمين عصرا، بالأسئلة التي قد تقودهم إلى المؤبد، أو حتف الروح!
من كان يدافع عن كارلوس، في تلك اللحظة، والقاضي يلقي عليه بالأسئلة، هو أم زوجته المحامية؟
القاضي أجاب في سره، وهو يبتسم بينه وبين نفسه: هو كارلوس.. وهى.. زوجته. الإثنان معا. لقد سكنته تلك المحامية الشاطرة وسكنها. اتحد فيها وتوحدت فيه، حد..... لا لا ليست حد السجن، وإنما حد العقل والروح والخيال، وإرباكي أنا.. فرانسوا!
بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
28/03/2017
2000