+ A
A -
عندما سئل العقاد عن رؤيته لمستقبل الإسلام أجاب على هذا السؤال في كتاب كامل شرح فيه كيف ظهر الإسلام في قطعة من الأرض خالية من مظاهر الحضارة فانتشر حتى ساد أرض الجزيرة العربية وتجاوزها إلى آسيا وإفريقيا وأوروبا مما يدل على أنه عقيدة تزداد قوة ورسوخا مع الزمن.

وشرح العقاد كيف كانت في القرن السادس الميلادي دولتان كبيرتان هما فارس وبيزنطة ولم تكن هناك دولة ثالثة في الوجود، وكانت بينهما صحراء (واد غير ذي زرع) ولا تمثل اهتمام أحد بل كان الاهتمام بما حول هذه المنطقة فكانت دولة الفرس تسيطر على الحيرة واليمن، ودولة بيزنطة تسيطر على أرض غسان والبتراء.

وبعد سنوات قليلة من ظهور الإسلام تغير وجه التاريخ وتغيرت الجغرافيا السياسية للعالم حين انتصر أبناء الصحراء المسلمون على بناة الحضارة واعتبر المؤرخون أن ما جرى لدولتي الفرس وبيزنطة من العجائب في تاريخ الأمم. وكان انتصار المسلمين بفضل العقيدة على الرغم من أنهم لم يكونوا الأكثر عددا وعتادا وبعد ذلك خرج المسلمون إلى أوروبا الغربية ثم إلى أوروبا الشرقية وإلى الصين والهند وإلى إفريقيا.

وبعد هذا الانتشار تلاحقت الضربات على البلاد الإسلامية بين هزيمة واضطهاد وتمزيق وتفريق حتى تمكن منها المستعمرون وانقضى القرن التاسع عشر وكل الأمم الإسلامية مغلوبة والدول المستعمرة هي الغالبة المتحكمة وخيل إلى البعض أن الحاضر والمستقبل كله للاستعمار وأن الدول الإسلامية جمعت بين القوة والعلم والحضارة فلا نجاة من قبضته ثم انتهى القرن التاسع عشر فكيف كانت نهايته؟

تراجع الاستعمار وظهرت دولتان في آسيا عدد المسلمين في كل منهما يزيد وقتها على سبعين مليونا هما إندونيسيا وباكستان وظهرت الدول الإسلامية في آسيا وإفريقيا تناضل من أجل حريتها واستقلالها، وهذه هي قوة الصمود التي تعلمها المسلمون من عقيدتهم التي تمنح الإنسان القوة روحا وجسدا وتدفعه لأن يعمل لدنياه وآخرته، وشمول العقيدة الإسلامية في ظواهرها الفردية وظواهرها الاجتماعية هي الميزة التي تخاطب الإنسان بكل ما فيه وتمنحه روح الصمود في وجه المصاعب والهزائم.

ولا يغيب عن العقل أن الإسلام ظهر في عصر الكهانة حيث لا تصح العبادة إلا في معبد ووجود كاهن وأيقونة فكانت عقيدته تدعو المسلم إلى أن يصلي حيث شاء الله وفي كل مكان (جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا)، بلا وسيط، وحين يذهب المسلم الحج لا يلتمس البركة من أحد ولكن يلتمسها من الله وحده.

وشمول الإسلام يتجلى في خطابه إلى العقل والوجدان، والإسلام يعطي الإنسان قوة تجعله لا يخشى الموت لأنه كما أخبر الله في كتابه «إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر» نوح (4) و«وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله» آل عمران (145).



بقلم : رجب البنا

copy short url   نسخ
20/02/2016
1218