+ A
A -
سيدتان حملتا فلسطين لواجهة الأحداث في الأسبوع الأخير؛ريما خلف وأحلام التميمي. مساران مختلفان لكنهما التقيا حول فلسطين وقضية شعبها.
الدكتورة ريما خلف الوزيرة الأردنية السابقة،مساعد الأمين العام للأمم المتحدة رئيسة اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا«الأسكوا»، كانت عنوانا كبيرا في الأخبار بعد أزمة التقرير الأممي الذي اصدرته «الأسكوا» والذي وثق سياسات التمييز العنصري الإسرائيلي بحق الفلسطينيين،وسلط الضوء بمهنية عالية،على الممارسات البشعة للاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني.
التقرير أثار غضب الإسرائيليين والأميركيين على وجه التحديد، ومارسوا ضغوطا كبيرة على الأمين العام للأمم المتحدة لسحب التقرير من التداول. لم يكن أمام غوتريس سوى الرضوخ للضغوط،ولم يكن أمام ريما خلف سوى الاستقالة انتصارا لمبادئ الأمم المتحدة، وقناعتها بصحة ماورد في التقرير، ورفضا للرضوخ للضغوط.
استقالت خلف، ورفع التقرير عن موقع المنظمة الأممية استجابة لتعليمات الأمين العام، لكنه نال شهرة عالمية وحظي بمتابعة من ملايين البشر ماكان ليحظى بمثلها لو لم تثار حوله الضجة الإسرائيلية،وتتخذ خلف الموقف الشجاع الذي اتخذته.
ولم يكن مطلوبا من التقرير أكثر من ذلك؛تعرية إسرائيل عالميا وكشفها على حقيقتها ككيان احتلالي يمارس« الأبارتايد» ضد شعب أعزل يعيش على أرضه التاريخية.وهذا ماتحقق فعلا بفضل استقالة ريما خلف.
كان هذا أول انتصار لفلسطين.الانتصار الثاني تحقق بفضل القضاء الأردني النزيه، الذي رفض طلبا أميركيا بتسليم الأسيرة المحررة من سجون الاحتلال أحلام التميمي للولايات المتحدة، لمحاكمتها على دورها في عملية للمقاومة الفلسطينية في القدس، قضت التميمي بسببها عشر سنوات في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
لكن يد الصهيونية الخفية لم تكتف بسنوات العذاب التي قضتها أحلام في سجون الاحتلال، وتصر على جلبها للمحاكمة في الولايات المتحدة بتهمة التسبب بمقتل مواطن أميركي في العملية المذكورة.
كان البرلمان الأردني قد رفض قبل سنوات المصادقة على اتفاقية تبادل المطلوبين مع أميركا، لوجود ثغرات كبيرة فيها تمس السيادة الأردنية وتتجاوز على أحكام القضاء الأردني.
التزمت الحكومات الأردنية بقرار البرلمان، ولم تطرح الاتفاقية مرة ثانية للنقاش. وعندما تسلمت الطلب الأميركي بخصوص التميمي، حرك محامون دعوى في المحكمة لرد الطلب، وبعد مداولات استمرت عدة أشهر،صادقت محكمة التمييز أعلى هيئة تقاضي أردنية على قرار محكمة البداية بعدم تسليم التميمي للولايات المتحدة، لعدم وجود اتفاقية بين البلدين تسمح بمثل ذلك.
كسبت فلسطين واحلام التميمي القضية، لكن مايزال المشوار طويلا أمامها لإسقاط الدعوى المرفوعة بحقها في المحاكم الأميركية، حيث يتولى فريق من المحامين الدفاع عنها هناك.
حتى قبل أسابيع من تحريك واشنطن للقضية كانت قصة أحلام التميمي منسية في الأدراج.لكن ما أن تداولت وسائل الإعلام قضيتها حتى أصبحت في الصدارة.وكانت تلك مناسبة ثمينة لتسليط الضوء على مايعانيه آلاف الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي،والتذكير بمقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال،ودور النساء المجيد في هذه المقاومة.
مرة أخرى كانت إسرائيل في دائرة الإدانة والإجرام في نظر الملايين الذين تابعوا فصول القضية حول العالم،واستهجنوا الغطرسة بحق سيدة قضت عشر سنوات من عمرها في السجون،ومايزال السجان وحلفاؤه مصممين على إعادة للمعتقلات من جديد.
وفي الحالتين كانت المكاسب المتحققة لقضية الشعب الفلسطيني على يد سيدتين من فلسطين.

بقلم : فهد الخيطان
copy short url   نسخ
23/03/2017
3939