+ A
A -
لاتزال ذاكرتي بخير، برغم كل هذه الأمور الدنيوية التي تلحس الذاكرة.
توصل ذهني، إلى هذه النتيجة، وأنا.. أنا أتذكر الآن، إنني كتبت منذ عدة سنوات، أنني أفكر في تكوين جمعية لأصدقاء مرضى فقدان الذاكرة!
إنني أتذكر، هذا يعني أنني مازلت أفكر!
الذين أتلحست ذاكرتهم، أناس، أصبحوا بيننا- فقط- مجرد أناس من لحم وعظم وأعصاب. أي منهم قد لا يتذكر من هو، وبالضرورة قد لا يتذكر من أنت!
تلك، حالة تدعو للشفقة.. بل للرثاء... وتدعو من هنا إلى التضامن... والتضامن- بالطبع- فعل إنساني نبيل.
أذكر أنني كنت قد وضعت شروطا للانضمام إلى تلك الجمعية، من بينها أن تكون أنت في كامل قواك التذكرية، حتى لا تنسى اجتماعا مهما للجمعية، وتجيء في اليوم التالي معتذرا: أنني قد نسيت!
لئن تنسى ماهو مهم، هذا يعني، أن ذاكرتك قد بدأت تخونك، وأنها قد تتلحس.. وجملتك «عفوا إنني قد نسيت» يمكن ببساطة أن تخرجك من عضوية الجمعية، إلى الاحتياطي: احتياطي مرضى فقدان الذاكرة!
لا، لا تتحاجج بأنك لست هرما، حتى ينعتوك بفقدان الذاكرة.
لحس الذاكرة ليس مرتبطا بعدد سنينك في هذه الدنيا. لاحظ- وأنت في زهو الشباب- قد تنسى شخصا، أو اسما، أو موقفا، أو حتى إنك -في الكثير من المرات- تنسى تماما، ما كنت تتحدث عنه، قبل دقيقة واحدة، أو أقل!
تذكر أن عالمة أميركية، اسمها دينيس بارك، تحاضر في جامعة ميتشجان، كانت قد قالت قبل سنوات، إن معدلات فقدان الذاكرة، واحدة، في ربيع وخريف العمر!
ما قالته مسز بارك، ينسف نسفا الأفكار الشائعة عن فقدان الذاكرة في خريف العمر، فقط!
أنت الآن في الربيع، لكنك تنسى أحيانا.
انظر إلى ما نسيت، أحيانا. لن تتذكره، بالطبع، وإن نحت ذاكرتك، نحتا!
الذاكرة تحتاج إلى مران، يوميا.. وفي داخل نفسك (كورنيش)، وكل ما ينبغي عليك فعله، أن تمارس رياضة التذكر في كورنيشك!
امش بذاكرتك إلى كل الأماكن التي مشيتها في حياتك..
اركض بها رجوعا إلى كل المواقف، بمختلف تسمياتها وتأثيراتها، على حياتك.... اركض بها إلى كل الوجوه التي مررت بها..استرجع أيامك، و.. و...
حتما، قد تتذكر.. وقد لا تتذكر مواقف وأماكن ووجوها- أنت تمارس رياضتك تلك- في البداية، لكن حتما، قد وقد وقد تتذكر، من جديد!
الآن: هل لك أن تنضم إلى نادي أصدقاء مرضى الذاكرة الملحوسة..
اسرع، قبل أن تصير أنت مثلهم، ولا تتذكر حتى أنك كنت- ذات تفكير- على أعتاب أن تنضم إلى ذلك النادي العظيم!

بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
19/03/2017
2592