+ A
A -
ما الفرق بين جرائم قطع الرؤوس الإرهابية الوحشية، وبين إطلاق النار «من المسافة صفر» على جريح ينزف، ممدد على الأرض بلا حراك؟

المفترض– وضع تحت كلمة المفترض ما شئت من الخطوط وبكافة الألوان– أن الجريمتين، تستأهلان، أن يستنكرهما العالم، وأنه لا فرق في الشناعة والإجرام بينهما، وأن قاطع الرؤوس وقاتل الجرحى، كلاهما على درجة واحدة من الدناءة الإنسانية والانحطاط البشري. وكل منهما، تتوجب معاقبته، بأقصى أنواع العقوبة وأقساها، جزاءً وفاقا لما قدمت يداه الآثمتان. لكن ولأننا في عالم تحرك رفضه للجريمة، جنسية القاتل أو القتيل، وربما دينه، وليس جريمة القتل وإزهاق الأرواح بحد ذاتها، فإن قطع الرؤوس يلقى ما يستحق، من التنديد والرفض والاستنكار، بينما القتل العمد للجرحى، بمنتهى الوحشية، يقابل بصمت غريب وتواطؤ مريب، لا لشيء إلا لجنسية مرتكب الجريمة الإسرائيلية.

فالاحتلال الإسرائيلي، يأبى أن يترك جريمة واحدة، لا يرتكبها بحق الفلسطينيين، بدءا من الاحتلال، وهو الجريمة الأصلية، إلى الاستيطان ومصادرة الأراضي، وهدم المنازل والاعتقالات، مرورا بحرق البشر والبيوت، أو الهولوكوست الصهيوني كما حدث في نابلس، والذي ستبقى أسرة سعد دوابشة، أو بالأصح الطفل أحمد، الناجي الوحيد من المحرقة شاهدا عليها، ومذكرا الدنيا بما اقترفه الاحتلال في حق أسرته، وصولا إلى عبد الفتاح الشريف، الذي أعدمه جندي صهيوني ميداني، على أحد الحواجز في تل الرميدة بالخليل، بينما كان ملقى على الأرض غارقا في دمائه بلا حراك.

المؤلم أن هذه الجريمة كان يمكن ألا يشعر بها أحد، وأن يكرم جيش الاحتلال الجندي القاتل، لولا أن وثقتها كاميرا المصور الفلسطيني عماد أو شمسية، وبثتها منظمة حقوقية على العالم.. الأكثر إيلاما، أن أحدا في العالم، الذي يدعي الإنسانية، لم يصدر عن إحدى دوله، ولو كلمات استنكار بسيطة، بل واصل صمته المتواطئ، كما يفعل حيال كافة جرائم الاحتلال ومخازيه اللا إنسانية.

هذ الصمت، أعتبره أحد أبرز دوافع مواصلة الاحتلال لجرائمه، فإذا كان أمن العقوبة، يسوغ مزيدا من إساءة الأدب، فما بالك بانعدام الملامة على الجرائم.

من المهم أن نعرف، أن جريمة الجندي الصهيوني، ليست فردية ولا معزولة، وإنما هي نتاج ثقافة إجرامية، وسلوك جمعي إسرائيلي، في الاستهانة بأرواح الشعب الفلسطيني، صاحب الأرض والحق. ليس ذلك مجرد استنتاج يستند إلى مواصلة الجرائم الإسرائيلية دون رادع أو دافع، وإنما يستند إلى استطلاع أجراه معهد إسرائيلي، أظهر أن غالبية الإسرائيليين يؤيدون سلوك الجندي القاتل، وقال الاستطلاع إن 57 في المائة من المستطلعة آراؤهم قالوا إنه لم تكن هناك حاجة لاعتقال الجندي القاتل. ورأى 42 في المائة من المستطلعين أن إقدام الجندي على إعدام الشريف، وهو عاجز عن الحركة، بأنه «عمل مسؤول». هكذا يفكر الإسرائيليون، وهكذا يدعم العالم جرائمهم، إن لم يكن بالتأييد فبالصمت المريب.. والسؤال كيف نفكر نحن العرب؟.. إن كنّا نفكر.



بقلم : محمود عيسى

copy short url   نسخ
03/04/2016
934