+ A
A -
يعيش العالم ما يمكن اعتباره «انهيار ثقافة الأحزاب»، والمتأمل في تطورات حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية، سوف يجد سريعا أن هناك متغيرات كبيرة، أهمها إقصاء اليمين واليسار عن السلطة لصالح الوسط واليمين المتطرف. يذهب كثيرون إلى تعريف بسيط للحزب باعتباره تنظيما يسعى للحصول على مساندة شعبية، بهدف الوصول إلى السلطة عبر العملية الديمقراطية وممارستها من أجل تنفيذ سياسة محددة.
هذا التعريف لمفهوم الحزب لم يعد مقنعا في يومنا الراهن، فعلى مدى عقود فشلت الأحزاب في تلبية تطلعات الناخبين الذين شعروا بالإحباط واليأس، وبدأوا البحث عن بدائل غير تقليدية، وإذا عدنا للحالة الفرنسية فإن الحملة الانتخابية التي يمكن أن تكون حصريا بين إيمانويل ماكرون الوزير اليساري السابق، الذي انتقل إلى الوسط مع حركته «إلى الأمام»، وزعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبن، تقدم مؤشرا مهما على مدى التغير، وعلى الرغم من اعتمادهما برنامجين متعارضين تماما، إلا أن القاسم المشترك بين المرشحين الأبرز هو أنهما على رأس تنظيم لم يسبق له أن مارس السلطة.
لقد شهدت فرنسا على مدى ثلاثين عاما تناوبا شبه منهجي بين اليسار واليمين في الحكم، مع تراوح الجبهة الوطنية بين 15 و17%، لكن الأمور تبدلت بشكل واضح، مع تقدم الثقافة الشعبوية، فيما يمكن اعتباره رد فعل على فشل الأحزاب التقليدية. هذا التناوب لم يسفر عن أي تغير حقيقي، ما أدى إلى تصاعد الاستياء حيال الأزمة الاقتصادية، وبالتالي، فإن هذا العام، والأعوام التالية، قد تشهد نشوء استقطاب جديد بين الليبراليين والقوميين المتمسكين بالسيادة، وما ينطبق على فرنسا يمكن أن ينطبق على دول أوروبية عدة. فكرة الأحزاب كما نعرفها انتهى أجلها وكان ذلك واضحا منذ أن تمكن «الخضر» من اقتحام عالم السياسة المغلق على مجموعة من الأحزاب التقليدية، لكن تلك الإشارة الواضحة لم تحسن هذه الأحزاب قراءتها، ولم تفعل ذلك في كل الأحوال، والنتيجة أحزاب تترنح، دون أن تكون هناك بدائل أكثر تعبيرا عن هموم الناخبين.
بقلم : حسان يونس
copy short url   نسخ
16/03/2017
4299