+ A
A -
كم نحن بحاجةٍ إلى التحلّي بفضيلة «الاختلاف في الرأي» أو «المعارضة البنّاءة»،وبخاصةٍ،إن كانت هذه المعارضة تستهدف صالح البلد،والمجتمع بعامة.

درجنا في مجتمعاتنا الشرقية -عبر تاريخها الطويل- أن نغتال معارضينا في الرأي،معنوياً،وحتى جسدياً،في حالاتٍ مشهودةٍ،فنسفِّه آراءهم،ويذهب الاختلاف بكثيرين إلى المساس بأعراض خصومهم،في حين لا يتعدى الاختلاف رؤىً متعارضة حيال موضوعاتٍ نقبلها أو نرفضها..ولو تمعّنّا الخلافات التي تعرضها وسائط الاتصال في سماواتنا المفتوحة،لشاهدنا وسمعنا العجبَ العُجاب:عروق رقبة منفوخة،وهياج،وجعير يفشل مقدمو البرامج الحوارية في السيطرة عليه..إلخ.

هنا -في كندا-تناقلت صفحات ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي مشهداً من مشاهد الحوار المتحضر بين رئيس الحكومة الليبرالية السيد «جوستون ترودو»،وزعيمة حزب المحافظين المعارض السيدة رونا أميروس داخل مجلس العموم الكندي في العاصمة الفيدرالية «أوتاوة»..كانت السيدة أميروس تعرض من ورقةٍ معها ما تراه من مآخذ على حكومة الليبراليين،معززاً بالأرقام والحُجّة،وكان السيد ترودو يقف،ويجيب على الفور -وبطلاقة-على أرقامها وحُجَجِها وانتقاداتها،ومآخذها في الحال، مفنّداً ما ذكرته،ولا يخرج أيٌّ منهما عن المضمون الموضوعي للنقطة مثار الحوار،كما لا يذهب أيٌّ منهما لتسفيه فكرة وعرض الآخر..وتحاور الطرفان(ولا أقول تجادل) حول أكثر من فكرة،وسط تشجيع فريق كلٍّ منهما،وعادا إلى استئناف جلسة البرلمان..

في بعض برلماناتنا الشرقية،نقلت كاميرات التليفزيون مشاهد لمفهوم الخصومة نخجل من ذكرها..ويقيناً أن مثل هذا السلوك الذي نلمسه في أشخاصٍ يمثّلون قطاعاتٍ للشعب في أرقى منتديات الحوار والمنفعة والتشريع،يجعلنا نثير هذا السؤال-دون جلدٍ للذات- متى نفهم أن التصدي للمصلحة العامة،مختلفٌ تمام الإختلاف عن عمليات العداوة،والإقتياد لثاراتٍ شخصيةٍ؟

نحن بحاجةٍ لإشاعة وتعميم وتعلية مفاهيم الاختلاف في الرأي،والرؤية،طالما كانت المحصلة النهائية تصب في صالح المجتمع،ومستقبل أفراده..

*ما زلت أغني:

لا تعبثي بمشيبي...أرجوكِ أن تستجيبي

ذاك الذي أنتِ فيهِ..من كلِّ حُسنٍ وطيبِ

طوته أيامُ عمري..وجئتِ عند المغيبِ

بقلم : حسن شكري فلفل

copy short url   نسخ
13/05/2016
1809