+ A
A -
- 1 -
تابع السودانيُّون داخل بلادهم وفي الخارج المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس عمر البشير الخميس الماضي، ليُعلن من خلاله تعيين نائبه الأول الفريق أول بكري حسن صالح رئيساً للوزراء. منصب رئيس الوزراء لم يكن موجوداً في الدستور السوداني الحالي؛ فهو من نتائج وتوصيات مؤتمر الحوار الوطني، التي دفع بها إلى أجندة الحوار حزب المؤتمر الشعبي بقيادة الراحل الدكتور حسن عبد الله الترابي.
من خلال مواقف وتصريحات عدَّة، كان من الواضح عدم موافقة الحزب الحاكم المؤتمر الوطني على المقترح، خوفاً من حدوث تنازع وتجاذب على كابينة القيادة بين الرئيس ورئيس الوزراء.
- 2 -
تمسُّكُ المؤتمرِ الشعبيِّ بمُقترح رئيس الوزراء، ترتَّبت عليه استجابةُ الحزب الحاكم، وحتى ينتفي احتمال التنازع على طريقة (رئيسَيْن غرَّقوا المُركَب)، تم الاتفاق على أن رئيس الجمهورية هو الذي يتولَّى تعيين رئيس الوزراء، ويملك قرارَ عزله، ويملك حقَّ تعيين الوزراء.
الواقع السياسي فرض على المؤتمر الوطني، أن يُحدث تغييرات على مستويات مُتعدِّدة، خاصة في الجهاز التنفيذي ونظام الحكم، حتى يُعطي أملاً في تجاوز كثيرٍ من الأزمات القائمة، ويفتح الباب أمام كثيرٍ من الفُرَص القادمة، ولا يهزم مصداقية مشروع الإصلاح والتجديد الذي أعلن عنه الرئيس البشير قبل أكثر من عامَيْن.
فكان أهم مُتغيِّر يُمكن أن يُحقِّق ذلك، هو التحوُّل من النظام الرئاسي إلى نظام شبه مُختلط، بإدخال منصب رئيس الوزراء لإدارة الجهاز التنفيذي الذي يُعاني كثيراً من الإشكاليات.
- 3 -
الرئيس عمر البشير عليه أعباء ومهام أكبر من المتابعة التنفيذية لشؤون الدولة؛ لذا واجبه الأكبر في الفترة القادمة، هو ترتيب الأوضاع بصورة تُحقِّق الاستقرار، وتُنهي الحروبات، وتُؤسِّس لانتقال سلس للسلطة، بعد انتهاء دورته الراهنة، مما يُمثِّل حسن خاتمة سياسية له.
بالضرورة إتاحة الفرصة للرئيس البشير، للتركيز في قضايا ومشاريع استراتيجيَّة، مُتجاوزة للمشاغل اليومية داخل دائرة شؤون الحكم.
- 4 -
اختيارُ الرئيس السوداني عمر البشير نائبه الأوَّل ورفيق دربه في العسكرية والحكم والسلطة ما يقاربُ ثمانيةً وعشرين عاماً، الفريق بكري حسن صالح، رئيساً للوزراء مع الاحتفاظ بمنصبه كنائب أول لم يكن أمراً مُفاجئاً لقطاعاتٍ واسعةٍ من الشعب السوداني.
منذ أوَّل يوم تم الاتفاق فيه على إدخال منصب رئيس الوزراء في الدستور السوداني كان الفريق بكري أقوى المرشحين لتقلُّد المنصب.
الفريق أول بكري حسن صالح، ظلَّ أحد أركان حرب المشير عمر البشير في كُلِّ مراحل ترقياته العسكرية، منذ أن كان البشير مُقدَّماً بسلاح المظلات في القوات المسلحة السودانية، ولم يفترقا منذ قيام انقلاب الإسلاميين في 1989 حتى تعيين بكري رئيساً للوزراء في الأسبوع الماضي.
- 5 -
التوقعات الصحفية وضعت عدداً من الأسماء، بعضها من الحرس القديم ضمن قائمة الترشيح ولكن كان الفريق بكري هو الخيار الأوحد للرئيس البشير قدَّمه للحزب وللجنة الحوار الوطني، فكانت الموافقة بالإجماع دون اعتراض.
كان الفريق بكري عضواً بمجلس قيادة الانقلاب، والوحيد الذي لم يمسه مقصُّ التغيير ولم تمضِ عليه دورة الإحلال والإبدال، فظلَّ في عمق دائرة الفعل السياسي وأقرب المُقرَّبين للرئيس عمر البشير وموضع ثقته.
وفي الفترة الأخيرة ظلَّ الفريق بكري النائب الأول للرئيس البشير، المُشرف المباشر على أداء وعمل الوزارات وعلى برنامج إصلاح أجهزة الدولة وهو الشخص المُعَدُّ لخلافة البشير على المنصب.
- 6 -
المُتابِعُ المُنصفُ يلحظ أن مشروع إصلاح الدولة الذي يُشرف عليه النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء الجديد الفريق أول بكري حسن صالح؛ قطع خطواتٍ مُهمَّةً في مسيرة الإصلاح داخل الوزارات والأجهزة الحكومية.
الفريق بكري من الشخصيات المعروفة بقوة الشخصية والحسم، فهو قليل الكلام لا يُكثر من الإطلالات الإعلامية ولا المخاطبات الجماهيرية، رغم ذلك فالتحدي أمامه كبير بأن يُحقِّق في الجهاز التنفيذي ما يجعله الخيار الأمثل للسودانيين في الانتحابات القادمة.
بقلم : ضياء الدين بلال
copy short url   نسخ
05/03/2017
5210