+ A
A -
إذا أردنا البداية في التخلص من الفكر الشمولي وعشوائية الاحكام والخلط بين الادوار الاجتماعية وتحديد تأثيراتها خارج نطاقها الايديولوجي الحقيقي علينا التمييز بين ثلاثة أنماط من الادوار الاجتماعية الموجودة في المجتمع والتي يجري الخلط بينها ويطغى أحدها على الآخر بشكل يصبغ المجتمع بصبغته على حساب الادوار الاخرى وهذه الادوار أو الانماط أو الشخصيات هي:
أولا: رجل الدين رغم عدم وجود هذا المسمى بوضوح في ديننا الإسلامي إلا أن دوره واضح ومؤثر لارتباطه الوثيق بالدور السياسي في مجتمعاتنا العربية وتساندهما مع بعض في إدارة الدولة العربية بشكل أو بآخر أو مرجعيات أخرى له القيامة على كل أمور الدولة.
ثانيا: الايديولوجي: وهو من يؤمن بأيديولوجية معينة يعتقد خلاص الأمة في تبنيها، وهو وجود هش في مجتمعاتنا العربية وتأتى إمداداته غالبا من الخارج، مع أهمية هذا الدور في إنشاء وإقامة الاحزاب ركيزة الديمقراطية إلا أن تأثيرات البنية العربية الدينية القبلية جعلت من وجوده غير ذي تأثير واضح.
ثالثا: المثقف وهو بالضرورة حر ينتمي إلى فضاء الحرية لا يحده سقف ولا ينفعل تحت أي سقف معين. وهؤلاء قليلون ومحاربون ومبعدون ومتهمون، لا تكتمل الثقافة الا بالحرية، المثقف لابد له من النظر في فضاء غير محكوم بأسبقيات، فتتوالى بالتالي الافكار وتتجدد العقليات ويتجه المجتمع نحو الحراك الثقافي الحقيقي وهو ما نشهده وشهدته أوروبا وأميركا على الدوام لذا هم دائما جهة ارسال فيما نحن دائما جهة استقبال بسبب عدم ادراكنا لمفهوم المثقف.
ماذا انتج ايديولوجيينا سوى الترديد للنظريات الغربية وماذا انتج علماء الدين لدينا سوى اعادة التاريخ وشخوصه كل هذا يتم تحت مسمى المثقف الشيخ والثقافة الدينية والايديولوجية.
رجل الدين ليس مثقف بالمعنى الذي ذهبت إليه،ربما هو مطلع أو يعلم في نطاقه لكنه لا يمكنه التفكير خارج ذلك النطاق،. الايديولوجي أقل ارتباطا منه ولكن يخرج من أيديولوجيه ليدخل في أخرى فهم داخل نطاقات فكر محكومة ومقفلة، من هنا ندرك أزمة مجتمعاتنا كونها مجتمعات تتحرك داخل نطاقات معينه وليست تتحرك في فضاء الحرية الكامل... وتلتبس بالتالي الادوار ويسند الامر إلى غير أهله، وتعود البنية السابقة للتعليم إلى الواجهة تحت مسمى الثقافة التقليدية ويسيطر رجل الدين كونه مثقف العصر والزمان والدنيا والآخرة على أطياف المجتمع الاخرى، ويختفي الايديولوجي الوطني ويتلاشى المثقف وينتشر المسطح المسقوف وتضيق دائرة الفكر الحر أو حرية التفكير وتزيد بالتالي شهية الاستهلاك وتتضخم معها فكرة امتلاك الحقيقة، بمعنى أننا نعيش للآخرة وهؤلاء يعيشون للدنيا فلا مانع من الابتضاع منهم الا أنهم الأخسرون أعمالا.
بقلم : عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
26/02/2017
3824