+ A
A -
في كتابه الرائع «الإسلام في الواقع الأيدلوجي المعاصر» خصص المفكر الدكتور محمد البهي، رئيس جامعة الأزهر ووزير الأوقاف الأسبق رحمه الله، فصلاً عن أهمية تحديد المفاهيم حول أي قضية قبل الدخول في معترك النقاش والجدل حولها، باعتبار أن ذلك يمثل تحريراً أساسياً لنقط الخلاف في القضية، ويضع إطارا للمتناقشين والمتجادلين حولها يحميهم من الانزلاق إلى السفسطة واللجاجة، ويجعل لحوارهم وجدلهم معنى ونتيجة.
الدكتور البهي حذر في كتابه من تدخل العواطف والرغبات الشخصية في عملية تحديد المفاهيم وقال ما نصه «إن من يصل من المفكرين إلى درجة القيادة والتوجيه في المجتمع، يجب أن يكون ذا مستوى تفكيري فوق رغباته وعواطفه الشخصية، وأن يستلهم في تحديد المفاهيم الحقائق التاريخية وحدها التي لهذه المفاهيم، وبذلك يكون تحديده هذه المفاهيم، تحديدا معتمدا على الموضوعية دون الشخصية قدر الإمكان».
أتذكر كتاب الدكتور البهي والفصل الخاص بتحديد المفاهيم، كلما استمعت إلى أحد المنظرين الفضائيين، أو الخبراء الاستراتيجيين – مع تحفظي الكامل على الوصف الذي يحتاج نفسه إلى تحديد -.
في كتابه الماتع تناول الدكتور البهي في الفصل الخاص بتحديد المفاهيم، مصطلحات.. التطور والتقدمية، الرجعية والجمود، الروحية والمادية، الحرية والكبيت، الخرافة والتقاليد. هذه المفاهيم التي تناولها الكتاب، وإن كانت مفاهيم مرجعية مهمة، يسهم تحديد معناها، في إصدار قرارات وصدور مواقف صحيحة، إلا أن ثمة مفاهيم أخرى، يفرض فقه الواقع الآن ضرورة تحديدها، والاتفاق على رسم حدود لمصطلحاتها، لعل من أهمها مفهوم الإرهاب، ذلك الاتهام الذي أصبح من السهل أن يقذف في وجه أي معارض أو مخالف، في مجتمعاتنا، مع ما يترتب على ذلك من القذف به إلى «كما وراء الشمس»، فضلا عن كونه تحول إلى «علكة» تلكوها ألسنة الغرب، لاصقة إياه بديننا الحنيف.
إن تحديد المفاهيم له ضوابط، من أبرزها التجرد.. وفي هذا يقول دكتور محمد البهي في كتابه «من يصل من المفكرين، إلى درجة القيادة والتوجيه في المجتمع، يجب أن يكون ذا مستوى تفكيري فوق رغباته وعواطفه الشخصية، وبذلك يكون تحديده للمفاهيم، تحديدا مجردا من الرغبات والعواطف. تحديدا مستندا إلى الموضوعية دون الشخصية».
بقلم : محمود عيسى
copy short url   نسخ
26/02/2017
8975