+ A
A -
في حملته الانتخابية للظفر بقيادة الهند، أطلق «ناريندرا مودي» الكثير من الوعود، وعلى رأسها تحقيق قفزة اقتصادية مشابهة لما حققه في ولاية غوغارات التي تولى زعامتها لسنوات طويلة. وما أن حقق حزبه نصرا عظيما لم يسبقه إليه حزب آخر في تاريخ الهند المستقلة، حتى شمر عن سواعده لتنفيذ أجندته، مستغلا امتلاكه لأغلبية برلمانية كاسحة (350 مقعدا من أصل 543).
وقتها تخوف علمانيو الهند ومسلموها من مجيئه إلى السلطة على رأس حزب قومي هندوسي متشدد كونه متهما بعدم حماية مسلمي غوغارات في اصطدامات شهدتها الأخيرة بينهم وبين الهندوس في 2002، فقالوا إنها نهاية الهند ونهاية نظامها العلماني التعددي. غير أن مودي كان يحمل في جعبته الكثير من المفاجآت، وكان مصرا على دخول التاريخ كواحد من قادة الهند العظام، وبالتالي لم يكن في وارد التساهل مع المتطرفين الكثر في صفوف حزبه، فقال عبارته المشهورة: «العلمانية كلمة يـُعرفـّـها الناس بطرق مختلفة، أما بالنسبة لي فتعريفها بسيط جدا: الهند أولا».
وسرعان ما عرف العالم أن هذا الرجل، الذي بدأ حياته العملية بائعا للشاي في كشك على رصيف محطة القطارات، يهوى اتخاذ القرارات المفاجئة والصادمة، حتى وإنْ ووجهت بالانتقادات.
فإذا ما استبعدنا تنفيذه فورا لوعوده الانتخابية الخاصة بزيادة حصة النساء في الحكومة المركزية عبر منح سبع حقائب وزارية (من ضمنها الخارجية) لسبع سيدات ينتمين إلى ديانات مختلفة، فإن قراره التالي الذي فاجأ البعض هو اختياره الصين، غريمة بلاده التقليدية إلى الشمال، كأول دولة يزورها بعد توليه السلطة. ولئن قيل وقتها إن هذا الاختيار جاء كنتيجة طبيعية لاهتمام الرجل بالنموذج الصيني في الانطلاق الاقتصادي والذي اقتبسه إلى حد ما لتحسين اقتصاد ولاية غوغارات، فإن المراقبين لم يجدوا ما يقولونه سوى أنه مصمم على استخدام الصدمات الكهربائية في العلاقات الدولية، وذلك حينما قام بزيارة مفاجئة إلى باكستان، غريمة بلاده التقليدية إلى الغرب، بل وإصراره على تخطي البروتوكولات لزيارة نظيره الباكستاني نواز شريف في منزله بمدينة لاهور ومشاركته أفراحه بعيد ميلاده وزواج حفيدته.
ولم يمض وقت طويل على توليه السلطة إلا وكان في اليابان، كبرى الدول الداعمة للهند في مجالات الاستثمار والمساعدات ونقل التكنولوجيا، يتفق مع مسؤوليها على تعزيز الروابط الاقتصادية الثنائية. ثم رأيناه يتوجه إلى واشنطون، داحضا ما أشيع أنه بصدد فك تحالفات الهند معها، ومستهدفا كسب ود إدارة أوباما التي نظرت إليه بحذر بحجة انتهاكه لحقوق الإنسان في غوغارات. وفي هذه الأثناء لم يستبعد الرجل منطقة الخليج العربي من حساباته، وعدها ذات أهمية خاصة لبلاده بسبب ثقلها الاقتصادي والنفطي واحتضانها للملايين من العمالة الهندية، فتواصل شخصيا مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي دون استثناء.
بهذه الزيارات والاتصالات أكد مودي أنه يسعى إلى تحقيق نجاحات واختراقات على صعيد العمل السياسي والدبلوماسي الخارجي، ذات المردود الايجابي على استقرار بلاده وأمنها وتنمية اقتصادها.
ومن ضمن الخطط الاقتصادية التي أطلقها لجذب الاستثمارات الصناعية الاجنبية، وتشجيع المستثمرين المحليين على التصنيع بمواصفات عالمية، وتعزيز مكانة الهند التصديرية في العالم، حملة «اصنع في الهند» والتي تسير بنجاح بدليل أن الحجم الإجمالي للاستثمارات الأجنبية المباشرة وصل إلى 63 بليون دولار أميركي في 2015 وحده.
كما قام بوضع ميزانية لمساعدة الفقراء من خلال زيادة الإنفاق الحكومي على المناطق الريفية وخفض الضرائب على الدخول الشخصية للقرويين.
بقلم : د. عبدالله المدني
copy short url   نسخ
26/02/2017
4571