+ A
A -
- 1 -
في أكثر من حوار وفي الإجابة على أكثر من سؤال ظلَّ الرئيس عمر البشير يؤكد بصريح العبارة وواضح الدلالة ودون مواربة، وجود جهات داخل الحكومة المصرية تعمل ضد السودان لإلحاق الأذى به. في حوارٍ أجريناه ونحن مجموعة من رؤساء التحرير، مع الرئيس البشير، قبل أيَّام في زيارته الأخيرة لدولة الإمارات قال لنا: (هناك مؤسسات في مصر تتعامل بصورة عدائية، «السيسي» تحديداً الذي التقيت به أكثر من مرَّة، وتذكرون زيارته الأولى للسودان.
هذا الرَّجل جاء ولم يكن أمامه حرس، وبلا مراسم، لأن كُلَّ أجهزته كانت ترفض أن تأتي للسودان.. قبل (24) ساعة كانت لدينا معلومة بأن الرئيس سيأتي إلى الخرطوم، ولم يُرسلوا مراسم ولم يرسلوا أمناً، ولم يسألوا عن البرنامج، بل وإلى آخر لحظة كانوا يحاولون إثناءه عن زيارة الخرطوم.. ومعرفتنا بـ«السيسي» تحققت بحكم أن لدينا ضُبَّاطاً يعرفونه عندما كان مديراً للاستخبارات، وتحدثوا عنه إيجاباً، وهناك من زاملوه في الأكاديمية، وتحدثوا عنه إيجاباً أيضاً، ونحن قناعتنا أنه رجل سليم النية، لكن هناك عناصر، خاصة المخابرات، تتعامل مع السودان بصورة نعلمها تماماً).
في إجابة الرئيس البشير يتَّضح أن هوة الخلاف بين الخرطوم والقاهرة تمضي في اتجاه الاتساع..
- 2 -
تقارير صحفية عدّة كشفت في الأيام الماضية، ظهور تحالف جديد بين مصر وحكومة جنوب السودان وأوغندا وأريتريا، والمُرجَّح أنه تحالفٌ مُضادٌّ للسودان وإثيوبيا.
حينما سألنا الرئيس البشير عما يتردَّدُ عن وجود مشاركة مصرية عسكرية في الحرب الدائرة في دولة جنوب السودان بين حكومة جوبا ومعارضيها.
قال: (المعلومات التي لدينا أنهم دعموا حكومة الجنوب، ولكن أن يقاتلوا هناك، فإنهم لا يقاتلون، لكنهم يدعمون الحكومة بالسلاح والذخائر، ولا أتوقع أن يقاتلوا في الجنوب).
تحرُّكات القاهرة لتشكيل تحالفٍ جديدٍ مُضادٍّ للخرطوم وأديس أبابا، تنطلق من منصَّة الرفض المصري لمشروع سد النهضة الإثيوبي الذي أوشك على أن يصبح واقعاً ثقيلاً على كاهل الدولة المصرية.
علاقة الخرطوم بالقاهرة في عهد المشير عبدالفتاح السيسي، ظلّت تُراوح مكانها بين الغُموض والحذر والتوتُّر، لا هي مُتدهورة يُرثى لها، ولا مُتقدِّمة يُستبشر بها.
الرئيس عمر البشير قال قبل عامين إنها محكومةٌ بقانون «شعرة معاوية».. فَهِمَ البعضُ أن وصفَ الرئيس البشير للعلاقة يشي بأنها في حالة غير جيِّدة.
- 3 -
عوامل الحساسيَّة بين الخرطوم والقاهرة في الفترة الأخيرة معروفة للجميع، أهمُّها كان قبل الإطاحة بحكومة الإخوان، وعزل الرئيس محمد مُرسي، وهي قضيَّة سد النهضة الإثيوبي، تلك القضية التي تُعتبر بُعبُعاً مُخيفاً للقاهرة.
الإعلام المصري مارس دوراً سالباً في تدهور العلاقة بين الحكومتين وتعكيرها بين الشعبين.
- 4 -
أكبر مُتغيِّرٍ في العلاقة بين الدولتين الآن هو التقارب الذي تشهده العلاقات السودانية الخليجية، فمصر ترى فيه خصماً من رصيدها واستغلالاً لوضعها السيِّئ.
والسودان يُفسِّرُ موقف مصر بأنه رغبةٌ في جعل الخرطوم تابعةً للقاهرة وحديقةً خلفيةً لها وتأبى عليها أن تكون لها مواقف مُستقلَّة خاصَّة في العلاقات الدولية.
-أخيراً-
العلاقة بين الخرطوم والقاهرة ظلت على مر الأزمنة الحديثة تتجنب المواجهات المكشوفة والصراعات العارية، مهما بلغ سوء العلاقة بين الدولتين، فدوماً هناك خطوط حمراء متفق عليها ضمناً لا يتجاوزانها، ولكن ما سيحدث في الفترة القادمة ربما يتجاوز كل الخطوط الحمراء!
قادم الأيام سيُحدِّدُ إلى أين سيتَّجُه قطار العلاقة؛ إلى التقارب والتفاهم أم إلى المواجهة والصدام وهذا ما لا نتمناه؟
بقلم : ضياء الدين بلال
copy short url   نسخ
26/02/2017
5487