+ A
A -
لم ينعم الرئيس اللبناني ميشال عون كثيرا بأول مائة يوم من عهده رغم محاولاته الاستفادة من الزخم السياسي والشعبي الذي حظي به يوم انتخابه لإطلاق عملية الإصلاح التي طالما نادى بها، ورغم انه حاول رأب الصدع مع الدول العربية الخليجية. فقد قرر أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله أن «يقطع حبل» فترة السماح الذي مده حزبه لإيصال الجنرال إلى القصر الرئاسي في 31 أكتوبر الماضي، من خلال الهجوم الذي شنه قبل أيام على المملكة السعودية متهما إياها بالوقوف وراء الإرهاب وبأنها من صنع «داعش» بالتنسيق مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
هجوم نصر الله جاء بمثابة من تقصد إطلاق النار على سيارة الإسعاف منعا لإيصال المريض إلى المستشفى. إذ أن عون كان قد عاد للتو من جولته العربية الثانية التي شملت مصر والأردن، متمنياُ خلالها على نظيره عبدالفتاح السيسي أن تستعيد القاهرة دورها الريادي على الصعيد العربي، وحيث أطلق من الجامعة العربية دعوة لتوافق العرب وتضامنهم طارحا نفسه وسيطا فيما بينهم. وكان عون قد قرر ترميم علاقات لبنان مع الدول العربية انطلاقا من البوابة السعودية، بعد التوتر الذي سببته المواقف العدائية لـ«حزب الله» تجاه دول الخليج وتدخله العسكري في شؤون بعضها. وقررت يومها السعودية وقف المساعدات وتجميد هبة بقيمة 3 مليار دولار لتسليح الجيش اللبناني. فكانت جولة عون الأولى إلى الرياض والدوحة اللتين عاد منهما بوعود والتزامات بإنجاح عهد الرئيس الجديد وتوفير كل الدعم للبنان في المجالات كافة، بعد أن باركت الرياض فتح صفحة جديدة بانتخاب عون رئيسا وأقنعت (أو وافقت على؟) سعد الحريري بتبني ترشيحه بعد الفراغ في موقع الرئاسة الذي دام سنتين ونصف السنة جراء تعطيل «حزب الله» وعون نفسه لنصاب جلسات انتخاب الرئيس.
وقبل أن تحط أقدام عون في بيروت كان نصر الله يجدد هجومه من ضاحيتها الجنوبية على السعودية والإمارات والبحرين، ويدافع عن نظام بشار الأسد ويطالب الحكومة اللبنانية بالتواصل مع حكومته بحجة إيجاد حل لمشكلة النازحين السوريين. أي انه يطالب عمليا حليفه رئيس جمهورية لبنان بزيارة دمشق ولقاء الأسد أسوة بالزيارات التي قام بها إلى الدول العربية الأخرى.
غير انه في الحقيقة، يتحمل عون نفسه قسطا وفيرا من المسؤولية كونه مهد عمليا الطريق لهجوم نصر الله على دول الخليج، إذ انه عشية توجهه إلى القاهرة أسبغ عبر قناة «سي. بي. سي» المصرية من موقعه كرئيس للجمهورية شرعية على سلاح «حزب الله» مبررا ذلك بالقول: «طالما أن الجيش اللبناني ليس لديه القوة الكافية فوجود سلاح «حزب الله» يصبح ضروريا، وعمله مكمل للجيش ولا يتعارض معه». وهذا يشكل بحد ذاته سابقة خطيرة تصدر عن رئيس دولة وقائد سابق للجيش يشرعن سلاح ميليشيا على حساب الجيش الذي يمثل السلطة الشرعية وسيادتها على كافة أراضيها! وكيف لرئيس جمهورية أن يعترف بدور لسلاح «حزب الله» الذي يقاتل في سوريا وكأنه تسليم أيضا بدوره في سفك دماء الشعب السوري وتهجير أبنائه، وكذلك الشعب العراقي والشعب اليمني. ناهيك عن قيام نصر الله باستعمال سلاحه ضد اللبنانيين أنفسهم في أكثر من مناسبة، وبالأخص في 7 مايو 2008 يوم اجتاح بيروت، ولو أن الرئيس- الجنرال ينكر ذلك في حديثه إلى القناة المصرية. واستطرادا، يبدو عون على تناغم أيضا مع موقف «حزب الله» عندما يؤكد أن رحيل الأسد سيغرق سوريا في الاقتتال والفوضى... أما البراميل المتفجرة والسلاح الكيماوي فهي ناتجة عن غضب السماء!
بقلم:سعد كيوان
copy short url   نسخ
21/02/2017
4329