+ A
A -
يعتبر «توماس جفرسون» المهندس الأول للتوسعة الأميركية، حيث تضاعفت مساحتها في عهده مرتين، ولكن قبل أن يحمل رقم ثلاثة، في تولي الرئاسة، تم تكليفه بكتابة إعلان الاستقلال ضمن لجنة مكونة من خمسة أشخاص، وسبب اختياره لهذه المهمة هو إجادته لخمس لغات، بالاضافة إلى سعة اطلاعه وثقافته، وايضا لأنه كان كان كاتبا، لكن الاجتماعات طالت والنقاشات تشعبت، وعز على جفرسون أن يعارضه رفاقه «آباء الاستقلال» في كل اقتراح وعلى كل كلمة يكتبها في الوثيقة المزمع إعلانها عن استقلال الأمة الأميركية، فخرج ذات يوم من أحد هذه الاجتماعات وجلس كئيبا حزينا ورأسه بين يديه لا يدري ماذا يصنع بتلك الملاحظات المتناقضة، وكيف يكتب ما يرضاه هذا الفريق وذاك الفريق، وهم لا يتوقفون عن إبداء الملاحظات والاقتراحات، وفي نفس الوقت لا يستطيع أن يلومهم لحرصهم على الدقة والتدقيق، في كل صغيرة وكبيرة، لأنه إعلان تاريخي، ويتضمن حقوق وواجبات الملايين، وتترتب عليه أمور جسام، وفي تلك الأثناء اقترب منه صديقه الكاتب والمخترع «بنجامين فرانكلين» وقال له مواسيا: «إنها قصة جون تومبسون تتكرر من جديد»، سأله جفرسون دون أن يرفع رأسه: «ومن يكون هذا؟» عاد فرانكلين يقول: «إنه صديق قديم، كان يتعلم على يد معلم مشهور بصناعة القبعات، وحين أتقن الصنعة، خطر له أن يفتتح مشروعا خاصا به، وجلس يكتب الإعلان الذي سوف يعلقه على باب المتجر ليجذب به الزبائن، وحين انتهى من صياغته وكان على الشكل التالي: «أنا جون تومبسون قبعاتي – يصنع القبعات ويبيعها نقدا» أخذه وذهب إلى أصدقائه ليأخذ رأيهم، قال له الأول لا حاجة إلى كلمة «قبًعاتي»ما دام قد ذُكر في الإعلان انه يصنع القبعات ويبيعها، وقال له الصديق الثاني إن الناس لا يهمهم في كثير أو قليل أنه صانع القبعة ما دامت معروضة بشكل ظاهر في المتجر، وقال له الثالث إنه من السخف أن يقول «يبيعها نقدا» فالكل يعرف انه ليس صاحب بنك يقرض الناس، ومن الطبيعي ان يشتروا نقدا، وقال الرابع إنه ما من أحد ينتظر منه ان يتبرع بالقبعة أو يهديها، فما حاجته إلى جملة «يبيع القبعات» وبعد كل هذه التنقيحات تم اختصار اللافتة إلى «جون تومبسون. قبعات» لكن صديقا خامسا اعترض على هذه الصيغة وقال إنه لا حاجة إلى كلمة قبعات، ما دامت صورة القبعة مرسومة في الاعلان، وقبل أن يعترض الصديق السادس والسابع والجيران وربما البلاد المجاورة سارع صاحب المشروع لطبع الكلمات المتبقية «اسمه وقربها قبعة مرسومة» وتعليقها فوق المتجر..!». وكان لهذه الحكاية التي قد تبدو عادية دور كبير في انتشال «جفرسون» من لجة اليأس، إذ ساعدته على اتخاذ قرارات حاسمة.. ساهمت في التعجيل ونشر وثيقة الاستقلال. وأطلق مقولته الشهيرة بعد هذه التجربة: «من لا يقرأ شيئا على الاطلاق أكثر ثقافة ممن لا يقرأ سوى الجرائد».

بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
20/02/2017
1224