+ A
A -
مجتمعنا يحتاج إلى إعادة الاعتبار لما يسمى بالمسافة الاجتماعية، وهي في أبسط تعريفاتها الحيز الخاص للإنسان الذي يتحرك فيه بما يحفظ له قيمته وكرامته ووضعه الاجتماعي، ما ألاحظه أن هناك التباسا كبيرا في فهم العلاقات وخلطا كبيرا بين مستوياتها نتيجة لعدم اعتبار هذه المسافة الاجتماعية وتقدير أهميتها، وهناك أسباب راجعة في ذلك للفرد وأسباب أخرى ترجع إلى المجتمع في ذلك. نوازع النفس البشرية تجعل منها أحيانا تلغي المسافات وتبرر الغايات، لكن المهم أن ينتبه المجتمع والسلطة إلى خطورة ذلك على الطمأنينة الاجتماعية التي تفترض وجودها مؤسسات المجتمع ومؤسسات الدولة بحيث تكون هناك منطقة وسطى من شبكة الخدمات التي تحافظ قدر الامكان على بقاء العلاقات أفقية بين أفراد المجتمع ولا تتحول إلى سباق إلى نسج العلاقة العمودية دائما وباستمرار مع السلطة على حساب المسافة المجتمع، وعلى السلطة كذلك أن لا تستغرق في الدخول في المجتمع بشكل يلغي العلاقة الافقية أو يجعلها غير ذات نفع بين أفراد المجتمع، لابد من إيجاد منطقة وسطى من شبكة الخدمات ذات الكفاءة مجتمعيا وحكوميا، بحيث يحافظ الفرد على مسافته الاجتماعية بشكل يحفظ كرامته وحقوقه. أرى أن مجتمعنا ينساق سريعا إلى عدم اعتبار المسافة الاجتماعية بهذا المفهوم والتي كانت واضحة ورصينة فيما مضى، أرى اليوم غيابا واضحا لها يؤثر على نمط العلاقات الصحية بين أفراد المجتمع، تدخل الدولة للحفاظ على هذه المسافة مهم جدا باعتماد المؤسسة لا الأفراد بحيث تكون المسافة الاجتماعية ترتبط بالمؤسسة دون الافراد وبالتالي بالثبات وليس التغير وبالطمأنينة ليس بالتهور، المجتمع بحاجة إلى من يطمئنه نتيجة التغيرات السريعة التي يمر بها وتأثير الريع الذي يحيل المعدم ثريا في يوم وليلة، أعيدوا الاعتبار للمسافة الاجتماعية والمجال الحيوي للأفراد الذي يحفظ قيمتهم ومكانتهم ويهدئ من روعهم لكي يطمئن المجتمع ولا يدخل في سباق مستمر مع ذاته دون منافس فيصبح الفوز فيه والهزيمة سيان.
بقلم: عبدالعزيز بن محمد الخاطر
copy short url   نسخ
20/02/2017
5731