+ A
A -
..... والحبيبُ يُزارُ.
وقفتُ حافيا، بباب السلام.
أمام هذا الباب، تعتريك الأشواقُ، وتعتريك المحبة الخالصة.. والرهبة.
وقفتُ استأذنُ الدخول: يا حبيبي، يا رسول الله.
جاءني الإذن. أحسسته انشراحة في القلب. قدمتُ هونا، رجلي اليمنى، واليسرى يستبدُ بها الحنين للحاق.
هذا المكان المقدسُ، مهيب.
فيه يسجدُ القلب. يرفرفُ حبا بجناحي عصفور من عصافير الجنة.
هاهنا، مكان الأدب العظيم. لا صوت يعلو.. يرتفع. لا جهر بالقول كجهر بعضنا لبعض. كل مناطق الكلام أشبه بالحفيف.. بل هو الحفيف.
هاهنا، يحفك الأدب: كل أقطار روحك. كل نواصي القلب. الفؤاد. النفس. والجسدُ-من فرط ما انخلع- لا تكادُ تحسُ أن لك جسدا.
هاهنا، كل شيء عبق. هاهنا، تحسُ في كيانك كله حضورا غريبا. تحسُ بكيانك كله في رقرقة دموع المحبة. أنت أمام الحبيب. كيانك كله ليتمنى، لو كان كيانا صحابيا، تماما مثل كيانات الصحابة، أولئك الذين تجملت عيونهم برؤية الحبيب رؤية عين. أولئك الذين صلوا وراءه خاشعين. أولئك الذين لم يرفعوا أصواتهم فوق صوته، ولم ينادونه من وراء الحجرات. أولئك الذين استعذبوا العذاب، وناصروه. أولئك الذين هاجروا إليه.. وأولئك اللاتي نظرن بعيون قلوبهن للبدر يطلع عليهن من ثنيات، ووجب الشكر عليهن ما دعا لله داع.
شرف المدينة..
هاهنا، رائحة أنفاسه الطيبة المباركة. هاهنا رائحة وقع خطواته المحسوبة بدقات قلب الخشوع.. الحضور. هاهنا رائحة صوته الطيب، العذب.. صوته الذي يفيض عذوبة بحلاوة الإيمان.. الإحسان.. وبحلاوة الترتيل.. وحلاوة الحديث إلى الأصحاب.
هاهنا.... يطيبُ الحديث،
والحبيبُ يزارُ..
ويهيجك استعبارُ.

بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
20/02/2017
897