+ A
A -
تذكرت بعض ملامح الطرائف القديمة في مجال العمل الصحفي بالسودان في بدايات تجربة جيلنا في منتصف الثمانينيات.

كان الكثيرون منا يعتبرون أن الثورة «ثورتهم» وهكذا تعمق احتفاؤنا بتجربة الانتصار الشعبي في السادس من أبريل 1985 التي كانت مبهرة لجيلنا سواء من عملوا بالصحافة (مهنة البحث عن المتاعب) او بمهن أخرى.

أتذكر تعليق أحد أقاربي حين استفسر من أشخاص كبار في السن عن أهمية انتفاضة مارس– أبريل عام 1985 مقارنة بثورة أكتوبر.. قال لي: العديد ممن سألتهم قالوا إن ثورة أبريل لها أهميتها رغم تميز ثورة أكتوبر عام 1964.

كتبت في الأيام الأولى لسقوط «نظام مايو»– وهو تعبير عن نظام الرئيس الراحل جعفر نميري صاحب تجربة «مايو 1969 التي استمرت حتى أبريل 1985- بعض المقالات ونشرت لي واحدة منها سريعا، وحين تأخرت الثانية ذهبت إلى أحد أصدقاء أخي الأكبر وكان يعمل بصحيفة يومية مرموقة واشتكيت له تأخر المقال.. واصطحبني لمقابلة صحفي مرموق ومخضرم بالصحيفة مسؤول عن نشر المقالات. وقال له: مقال هذا الشاب تأخر.. ألا تريدون التعاون مع الشعب؟!. وضحكنا جميعا فرد الصحفي قائلا: لا استطيع أن أنشر للجميع.. لقد اصبح كل أفراد الشعب السوداني شعراء.. وذلك في إشارة للقصائد الكثيرة التي كانت تنشر يوميا عن انتصار الشعب في ثورته السلمية وقتها (1985).

في يناير 1986 دشنت بدايات عملي كصحفي متدرب واهتممت بعض الشيء بإجراء حوارات مع أدباء وتشكيليين وكتابة قراءات أدبية خصوصا عن دواوين الشعر وبعض الأعمال الروائية.

في عام من الأعوام عقب إسدال الستار على تجربة التعددية الحزبية السابقة التي كانت تعرف باسم الديمقراطية الثالثة حدثنا رئيس تحرير سابق عملنا معه في أيام الديمقراطية.. قال إنه التقى بصديق لنا عمل آنذاك بإدارة إعلامية بمؤسسة حكومية في الخرطوم واستغرب ذلك فرد عليه صديقنا المعروف بسخريته: (انهم اعتقدوا أنني معهم.. فأعطوني وظيفة معهم).

كان ذلك الصديق يتحفنا بالطرائف التي كانت تخفف إرهاق العمل الصحفي وساعاته الطويلة بين إنجاز أعمال مكلفين بها أو متابعة نشاطات سياسية (ندوات ولقاءات تعقدها مختلف الأحزاب) أو حضور أمسيات أدبية.. قال مرة: سنكون صحفيين جيدين حسب اعتقادي.. لأننا عملنا في صحف كثيرة لفترات قصيرة واكتسبنا خبرات متعددة، حيث كنا نعمل ببعض الصحف لبعض الوقت ثم تتوقف تلك الصحف عن الصدور لأسباب مختلفة.. كانت لنا أيام.

copy short url   نسخ
14/11/2015
15391