+ A
A -
أزمنة الدراسة والعمل، وعبرهما محطات الصداقة القديمة ينعش القلب دوما. في تأملات واقعنا الاجتماعي نحتاج إلى اتكاءات على الماضي، فمثل تلك المعطيات تعمق أمامنا دروسا كثيرة، حيث إننا نبصر واقعنا القديم ونقارن الأحداث بين الماضي والحاضر. وفي ذلك عبر كثيرة.

من حاضرنا نطل عبر شرفات التأمل لنستعيد بعض مساراتنا القديمة في مجتمعاتنا التي شهدت بالتأكيد متغيرات كثيرة على مدى العقود الماضية.

يزداد ترقبنا في هذه التأملات لغد أجمل مأمول لكل الأجيال. وهنا تتأكد أمامنا أهمية معانٍ ترددت كثيرا في حياتنا العامة بالأمس وهي معاني ومفاهيم تواصل الأجيال ونقل تجارب الأمس لأبناء وبنات اليوم.

*من بين وقائع عديدة في الأمس تحضرني بعض الذكريات عن بعض حوارات الأمس في عالم الصحافة منها حوار تأملته بيني وبين نفسي كثيرا. كان حوارا قصيرا مع السياسي السوداني الراحل أحمد خير الذي كان وزيرا للخارجية في عهد حكومة الراحل الفريق إبراهيم عبود (1958 - 1964). شاركت في ذلك الحوار الذي أتت مبادرته من صديق صحفي هو الصحفي أحمد عمر. وكنا وقتها نعمل في مكتب لمراسلة صحيفة عربية لندنية بالخرطوم كـ«صحفيين بالقطعة». من بين أهم إشارات أحمد خير الذكية في ذلك الحور قوله لنا إنهم في ظل «نظام عبود» كانوا يحرصون دوما على مراجعة القرارات الحكومية وقال إنه كانت هنالك وقتها لجنة تضم خمسة وزراء أساسيين بالحكومة تسمى لجنة مراجعة سلامة القرارات الوزارية.

كان نادرا بالنسبة لنا محاورة زعيم سياسي كان له أيضا دور تاريخي في مرحلة تأسيس (مؤتمر الخريجين السوداني) في زمن ما قبل الاستقلال.

*برغم أن عهد عبود قد ظل يوصف بأنه عهد «ديكتاتوري» وأسقط بثورة أكتوبر الشعبية إلا أن ذلك لا يمنع الاعتراف لساسة عملوا معه بأنهم اتصفوا بالكثير من الحكمة السياسية.

في وقت لاحق علق زميل في مهنة الصحافة حين قرأ بيان «تنحي عبود» أيام صورة أكتوبر 1964 قائلا:«هل هذا بيان ديكتاتور؟!.. ذلك أنه كان في بيانه حريصا على تأكيد وأهمية حرية العمل السياسي وتحقيق إرادة الشعب لأن القرار للشعب».

من اللقاءات الأخرى التي تحضرني أيضا لقاء عابر مع رئيس الوزراء السوداني السابق السيد الصادق المهدي. كنت برفقة الزميل الراحل زين العابدين أحمد محمد وزرنا المهدي بمنزله في ودنوباوي.

سأله الزميل زين العابدين هل منحتك الحكومة الإذن للسفر للمشاركة في ندوة عن مشكلة الجنوب بعاصمة أوروبية، فرد علينا أنه منع من السفر. لقد مرت الأيام بعدها وانضم المهدي في نهاية التسعينيات لمعارضة النظام من القاهرة.

ثم عاد المهدي في مصالحة مع النظام عام 2000. المهم هنا هو الإشارة إلى أن منع بعض الساسة من بذل جهود نحو توجهات سلمية لمعالجة الأزمات يخلق أزمات جديدة أحيانا.

(يتبع)

copy short url   نسخ
07/11/2015
4552