+ A
A -
يرى أكاديميون ومحللون أن مفهوم التداول السلمي للسلطة يمثل المحك الأساسي في تجارب العمل السياسي خصوصا في بلدان العالم الثالث.

تكثفت في ذهني هذه الخاطرة عبر قراءات متعددة عن مفاهيم العمل الديمقراطي الذي يمثل المسار الصحيح في تجارب المجتمعات والشعوب وهي تخطو نحو تثبيت أركان الاستقرار والشروع في دفع مشاريع التنمية والاستثمارات الاقتصادية الضخمة إلى الأمام.

في تجارب عديدة في إفريقيا وفي العالم العربي رأينا كيف أن مسارات الديمقراطية قد شهدت بعض التعثر على مدى عقود ما بعد الاستقلال وفي معظم تجارب إفريقيا والعالم العربي منذ الخمسينيات حتى اليوم تابعنا كيف أن مفهوم التداول السلمي للسلطة لم يطبق بشكل ممتاز إلا نادرا.

في تجارب السودان بعد استقلاله في يناير 1956 حدثت مسارات غريبة إذ لم تصمد تجربة تعدد الأحزاب وقتها سوى أعوام قليلة حيث رأينا كيف ان السودان شهد إنهاء حكم الأحزاب وصعود نظام الرئيس الراحل الفريق إبراهيم عبود؟

في وقت لاحق ثار الشعب السوداني في ثورته التاريخية الناضجة التي لا تزال ثمارها وظلالها مستمرة حتى اليوم بأشكال مختلفة واسقط الشعب عبر العصيان المدني والإضراب السياسي «نظام عبود»

وعادت الأحزاب لتحكم عبر صناديق الانتخابات بدءا من أكتوبر 1964 حتى عام 1969 وهو العام الذي شهد نجاح انقلاب عسكري به ألوان اليسار وألوان القومية العربية في لونها الناصري المقتبس من تجربة الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر.

لكن التاريخ أعاد نفسه حيث هب الشعب السوداني في شهري مارس وأبريل 1985 مسقطا نظام نميري بنفس سيناريو إسقاط نظام عبود. كان التغيير الجديد– وقتها– هو تغيير الانتفاضة عام 1985 التي أتت بالحكومة الائتلافية بين حزبي الأمة والاتحادي الديمقراطي.

وبعد اعوام قليلة رأينا أن هنالك تغييرا جديدا في التجربة السياسية السودانية تمثل في قدوم نظام الإنقاذ الحالي في يونيو 1989.

حاليا نرى بوضوح أن الجدل يتصاعد وأن مائدة الحوار السياسي تأخذ في التوسع نسبيا لاستيعاب كل الآراء والتيارات والمدارس الفكرية خاصة من ينادون بعودة تجربة التعددية الحزبية الحرة الحقيقية.

أقول ذلك بحسبان أن مؤتمر الحوار الوطني الحالي رغم أنه جوبه بنوع من معارضة القوى السياسة الفاعلة والرئيسية مثل حزب الأمة والحركات الحاملة للسلاح في بعض أقاليم السودان إلا انه يشكل حاليا المنطلق الأساسي والضروري لتدارك أي قصور في تجربة العمل السياسي بعد الاستقلال فمستقبل السودان على المحك ولم يعد هنالك مناص من الاستجابة لرؤية من ينادون بمنح الأحزاب فرصة حقيقية تستحقها بالتأكيد لتقوم بدورها المناط بها في تحقيق التطلعات الشعبية الواسعة بالبلاد.

copy short url   نسخ
31/10/2015
4644