+ A
A -
وقع الهجرة المستمر حالياً في مشهد الاختيار لواقع البعد عن تراب الأجداد الذي نراه عبر ما ينقله الإعلام من صور يومية بين ضفتي المتوسط يثير الشجن.

منذ أن بدأ موسم الرحيل الذي قد يتقلص حاليا بفعل دخول زمهرير الشتاء الأوروبي، ظللت استذكر عبارة موجزة قالها الراوي في كتاب الأديب الراحل الطيب صالح، هي عبارة «جنبهما مشقة السفر».

تلك العبارة جاءت في وصية شخص عن ابنه وابنته فهو كان يريد– في الرواية- ألا يكررا تجربته في السفر إلى البعيد.

الكتابة تتجدد عما نراه ونعايشه نتأثر به ومعه نتفاعل بشكل صادق مع تداعياته فيما يتعلق بواقع الهجرة المر.. وهنا نستذكر مثلا ببلداننا العربية يختلف من مجتمع عربي إلى آخر في صيغته، يقول المثل «قال إيه جابرك على المر، قال: الأمر منه!».

فضحت وقائع الهجرة الجماعية التي تمثل إدانة دامغة لنظام الأسد، فضحت تبجح النظام بأشياء كثيرة، فهو يردد مثلما ظلت تردد عبر عقود زمنية طويلة عدة أنظمة ديكتاتورية في المنطقة أن «الأوضاع: كله تمام!».

ها هي الآلاف ترحل بفعل جرائم نظام الأسد ويغادر الآلاف مواطن أجدادهم مرغمين وهم يأملون أن يتحقق لهم الخير في هجرتهم على أمل عودة ممكنة بالطبع في وقت نتمنى أن يكون قريبا لتكون لحظات الرحيل المرة مجرد ذكريات عابرة بالنسبة لهؤلاء ولأطفالهم.

في وقائع زمن الهجرة نستذكر الثيمة الأساسية في كتاب موسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح.. وقد حلل هذا الكتاب (الرواية) التي تستحق قراءات عديدة وعميقة حلله الكثيرون. أتذكر مرة أنني قرأت في الأخبار أن ناقدة لبنانية ركزت في بحث لها عن هذه الرواية على الآثار النفسية والأبعاد النفسية التي رسمها صالح في الكتاب اللوحة.

في مرة التقيت بالأديب صالح في مهرجان أصيلة بالمغرب، وقال لي بعد أن رفض إجراء حوار ثقافي جديد معه، الكلام كمل، بالعامية السودانية، أي أنه لم يبق ما يقال.

واستجبت لرغبته في ألا يتحدث مجددا عن أعماله الأدبية.

أتذكر بعدها بسنوات أنني قرأت لصالح تصريحا، قال فيه إنه فقد الشهية للكتابة. ثم جاء خبر بعد فترة بأنه يعكف على كتابة رواية جديدة.

على كل حال فإن صالح بعد أن توقف لوقت معين عن كتابة الروايات في السنوات الأخيرة قبل رحيله كان يتحف قرائه بكتابات أسبوعية في زاوية بعنوان «نحو أفق بعيد» بمجلة المجلة اللندنية.

إن ثيمة الارتحال هي التي حركت جانبا من إبداعات صالح في «موسم الهجرة».



copy short url   نسخ
27/10/2015
4687