+ A
A -
في أوائل الخمسينيات على ما أظن، كتب خالد محمد خالد كتابا أسماه «من هنا نبدأ».
كان الكتاب في مجمله يدعو لفصل الدين عن الدولة، رغم أن مؤلفه من خريجي الأزهر.
وكان خالد أيامها مفلسا تماما، لدرجة أنه تسلف ثمن طباعة الكتاب.
ثم حين طبعه، أصبح كل يوم يمر على دار النشر يسألهم عن الكتاب، فيقولون له:
ها هو مكدس على الرفوف وفي المخازن، لم نبع منه نسخة واحدة.
استاء خالد أشد الاستياء، ثم تذكر برناردشو الكاتب الأيرلندي الذي كان إذا كتب كتابا ولم يلق رواجا كبيرا، كتب هو نفسه عنه منتقدا ومحذرا، ولكنه يكتب عنه باسم مستعار، حتى يلفت نظر الناس له.
فاتفق خالد محمد خالد مع ابن عمه على أن يكتب عن الكتاب ويحذر منه ويكفر صاحبه– خالد– ويصفه بالزندقة، ويستشهد ببعض الفقرات من كتابه.
وما إن نشر مقال ابن عم خالد حتى بيعت نصف الكمية، وفي اليوم التالي تم اعتقال خالد بتهمة الإساءة للإسلام، وبعد الاعتقال نفدت الكمية كلها، حتى أن دار النشر اتصلت بخالد من أجل أن يعيد طباعته، لدرجة أن الكتاب طبع ست طبعات في سنتين فقط.
عموما خالد محمد خالد تبرأ من هذه الكتاب فيما بعد وأعلن توبته.
الشاهد من القصة أنه لا يكفي أن تكون كاتبا مبدعا، أو مؤلفا فذا، أو فنانا جميلا أو شاعرا نابغة حتى تصل إلى النجاح.
تحتاج إلى بعض غبار المعركة حولك من أجل لفت الانتباه لك.
كلمات المدح لا تلفت الانتباه مثل صيحات الاستهجان.
إن أردت أن تشتهر وبأقصر الطرق، حاول أن تسير بعكس التيار، قد يكلفك ذلك شهرا في السجن، أو غرامة مالية، أو ضربة بحذاء، أو صفعة أو شلوت، ولكن النتيجة بعدها ستسرك حتما.
أقول هذه القول وأستغفر الله منه،
أنا شخصيا لا أؤيده، ولكنه للأسف الطريق «الهاي واي» من أجل وصول سريع جدا إلى القمة.
بقلم : بن سيف
copy short url   نسخ
14/02/2017
1252