+ A
A -
الإطلالة على الأمس تجعل العديد من خواطر النفس تعود إلى التوهج، ولا نقوم بعملية الإبحار في بحر الذكريات إلا حين نعايش بعض لحظات المقارنة بين أحداث اليوم والأحداث القديمة المنتمية إلى الماضي.

من بين ذكريات الزمن الخرطومي لجيلنا، تأتي ملامح سنوات الجامعة واستكشاف واقع جديد هو واقع التحصيل الأكاديمي والترقب لزمن الوظيفة.

أهم اكتشافاتنا في أيامنا الأولى بالجامعة (سبتمبر 1981) تمثلت في التعرف على نشاطات أركان النقاش السياسي.

ما الذي طبع ألوان ذلك الزمان في نظرنا؟.. إنها تفاعلات الحراك السياسي الذي كان يصطدم بإصرار النظام وقتها (النظام المايوي بقيادة الرئيس الراحل جعفر نميري) على إبقاء صيغة الاتحاد الاشتراكي.

حين نطل على تلك السنين من نافذة اليوم نستشعر تميز الواقع الاجتماعي القديم، انعكست تفاعلات الثمانينيات على واقع الحركة الأدبية والفنية، وتدريجيا أخذنا نتابع إيقاعات الأعمال الإبداعية.

كانت الروابط الطلابية التي تعبر عن انتماء طلاب الجامعة في ذلك الوقت إلى مدن وأقاليم متنوعة تشكل نشاطا مهما.

انتميت إلى رابطة مدينة الحصاحيصا وأخذنا ننظم مهرجانات صيفية سنويا منذ عام 1982.

وسط متابعتنا لنشاطات الفكر كان الاهتمام بالسياسية يترسخ أكثر.. كنا نتابع السجالات بين الحزب الجمهوري والسلطة المايوية.

بالتدريج أخذت المواجهات بين عدة قوى سياسية مع نظام مايو تتصاعد.. وفي سبتمبر 1983 بدأ نظام نميري مرحلة جديدة تمثلت بالإعلان عن تطبيق (التوجه السالامي) وكان نميري قبلها قد أصدر كتابين هما: «النهج الإسلامي لماذا؟»، و«النهج الإسلامي كيف؟».

في يناير عام 1985 حدثت المواجهة الكبيرة بين الإخوان الجمهوريين ونظام مايو وقدم النظام زعيم الحزب الجمهوري للمحاكمة ثم حكم عليه بالإعدام ونفذ الحكم في 18 يناير1985.

اتسعت عقب ذلك دائرة معارضة النظام وبعد نحو شهرين أخرج النظام قادة حزب «الإخوان المسلمين» أو ما كان يعرف بـ«جبهة الميثاق السالامي» من السلطة واعتقل عددا من قادة الحزب.

مرحلة سفر نميري إلى أميركا للعلاج في مارس 1985 تزامنت مع تصاعد العمل المعارض والتفكير في مواجهة النظام شعبيا بصورة تلقائية.

تفجرت عفويا انتفاضة شعبية أطاحت سريعا بنظام نميري.

في السادس من أبريل عام 1985 بدأ فجر جديد في سودان منتصف الثمانينيات، هو فجر التغيير.

أعلن وزير الدفاع وقائد الجيش وقتها، المشير سوار الذهب عن إسقاط نظام نميري والتحضير لانتخابات في ظل مرحلة انتقالية مدتها عام واحد فقط.

وقتها لجأنا إلى أناشيد المرحلة نفسها، ومعها أيضا أناشيد الزمن الأكتوبري ( نسبة لثورة أكتوبر 1964) لنحاول فهم واستيعاب حجم التغيير الذي تم وحجم النجاح الشعبي عبر المواجهة المباشرة مع نظام لم يكن يعبر عما يريده الرأي العام السوداني في ذلك الزمان.



copy short url   نسخ
20/02/2015
4384