+ A
A -
يسأل أحدهم مستنكرا: أثمة أمل حقا في هذه الأمة؟ هل يمكن أن يطرح كل هذا القتل والخراب وكل هذه الأحقاد والكراهية وكل هذا الاستبداد والفساد ورود الحرية والأمل في نهاية المطاف؟
الجواب هو حتما نعم، الأمل موجود وهناك دائما طريق يمكن أن يقود إلى نهاية سعيدة، لكن هذه الـ «نعم» تتكئ على أدوات شرط غير جازمة من العيار الثقيل جدا، وتحديد من قبيل إذا ولو ولمَا.
بشكل عام يمكن أن تشهد هذه الأمة الثائرة والحائرة في آن معا نقلة نوعية على كل الأصعدة عندما تتفق نخبها المؤثرة ومفكروها ومنظروها على أن ثمة خللا بنيويا في نسيجها الاجتماعي والحضاري تجب معالجته.
يجب أن يتفق الجميع أولا على أنه ليس لديهم ما يقدمونه للعالم اليوم، وأنهم جميعا مدعوون للجلوس على مقاعد التتلمذ والتمعن بتواضع في تجارب العالم الحضارية، تلك التجارب التي نقلت أمما من الحضيض إلى مصاف الدول الكبرى والعظمى خلال عقود قليلة.
يجب أن يتفقوا أيضا على وضع كل ما يفرق جانبا وهي مهمة سهلة جدا عندما تقرر النخب والشعوب أن التفرغ لبناء أوطان قوية وفاعلة يتطلب النظر بعين الطالب النهم إلى أجزاء الخلية ومكونات الذرة وتفاصيل المجرات البعيدة، لا التركيز بشكل قاتل على النبش في التراث للحصول على برهان هنا أو حجة هناك لزيادة حجم الاختلاف والكراهية مع هذا، وزيادة رقعة الشك والتوجس مع ذاك.
النقلات الحضارية تتطلب عادة نقلات فكرية موازية، وهي نقلات من شروطها احترام الإنسان لذاته وليس لاسم قبيلته أو لون جلده أو معتقده أو حتى طريقة لبسه، وهي بالمناسبة من بين أهم 4 شروط لا نزال نعمل وفقها اليوم لتصنيف الناس والحكم عليهم.
النقلات الحضارية تتطلب أن تقرأ أخبار بلادك المهمة و«الحساسة» في وسائل إعلامها قبل أن يبثها الآخرون وتستوجب أن يكون الإنفاق على العلوم ورفاهية البشر أضعاف الإنفاق على السلاح والسجون وأجهزة الاستخبارات.
عندما لا نتعامل مع بلداننا بمنطق الربح والخسارة، وعندما لا يكون الدين مجرد بطاقة ائتمان أخرى نستخدمها عند الحاجة بدلا من دوره كمشكاة تهدي إلى الصواب، عندما نتوقف عن نقد الاختلاف أيا كان وفي أي مجال كان ومحاولة رؤية الإيجابي فيه، عندها فقط قد يكون ثمة أمل!

بقلم : لؤي قدومي
copy short url   نسخ
08/02/2017
4418