+ A
A -
كنت ولغاية أيام قلائل من أشد المطالبين والمناصرين لمفهوم الديمقراطية والانتخابات وصناديق الاقتراع.
لكني أعلن تغيير رأيي وتغيّر توجهي وبرودة حماسي للانتخابات بعد فوز ترامب، والذي يعارضه الآن ثمانون بالمائة من الأميركيين الذين لهم حق التصويت.
والسؤال، كيف استطاع ترامب بعشرين بالمائة فقط من المؤيدين الفوز واعتلاء عرش العلم الأميركي؟
مشكلة الانتخابات وصناديقها أنها مثل كاميرات تصوير السرعة، لا عقل لها ولا عاطفة، بمعنى أنها تصور شابا مستهترا تجاوزت سرعته المائتين، مثل رجل يحمل معه أمه التي تنازع الموت إلى المستشفى، كلاهما يعطيهما نفس مخالفة السرعة دون أي اعتبار للأسباب.
صناديق الاقتراع تعطيك النتيجة تبعا لعدد المصوتين لا تبعا للأكفأ والأفضل.
وبما أن المصوتين في كل دول العالم أغلبهم من الشباب، والشباب بطبيعة الحال أقل تقديرا للمصلحة وأقل حكمة واتزانا، فهذا يعني أن أكثريتهم جعلتهم هم المتحكمون في هذه الصناديق، ورؤيتهم القاصرة هي التي تحدد الفائز، وأن حكماء وعقلاء الدولة مهما فعلوا لن يستطيعوا أن يفعلوا شيئا أكثر من صوت في صندوق سيتلاشى بالخسارة.
إذن صناديق الاقتراع لا يسيطر عليها العقلاء بل الأكثرية، وبما أن الأكثرية هم الشباب، فهذا يعني أن العقلية الشبابية هي التي تسيطر على نتائج الانتخابات.
أذكر حادثة طريفة حدثت في إحدى انتخابات مجلس الأمة في الكويت، حيث فاز فيها مرشح «نص كم»، بعد أن اتفق شباب المنطقة على التصويت له من أجل «متعة» مشاهدة قفشاته في المجلس، تخيلوا السبب! وفعلا فاز، ولم يدم إلا أشهرا حتى تم فصله لأسباب موضوعية.
وهذا بالضبط الذي حدث مع ترامب، أعجب الشباب والمتحمسين تهوره وكاركتره المستفز والمندفع، فصوتوا له وفاز رغما عن كل حكماء الرأي في أميركا وعلية القوم وأساطين السياسية.
الآن الذين صوتوا له أنفسهم قد ندموا على ذلك، وهذا ما جعل نسبة التأييد له تصل إلى العشرين بالمائة، ولكن لن ينفعهم الندم، بعد أن ظن هؤلاء الشباب المصوتون أن الموضوع لعبة للتسلية، لا أنها قيادة أميركا والعالم كله.
إذن، وبما أن الانتخابات الحرة أثبتت فشلها، فما الحل؟
سيكون هذا موضوعنا غدا بإذن الله.
بقلم : بن سيف
copy short url   نسخ
06/02/2017
1028