+ A
A -
وإيكواس هذا، اختصار لمنظمة تعاون اقتصادي، يجمع دولا تقع بغرب القارة الإفريقية..
أما الدرس فلابد أن يسبقه، تنويه عن تلك الحالة الديمقراطية، التي تشيع روحها في القارة السمراء، التي لم تتخلص من الاحتلال الاستعماري الذي نهب خيراتها، ولايزال، إلا لترزح تحت نير سلطات استبدادية، أنابها المستعمر عنه، ليواصل استنزاف ثرواتها، ولكن دون الحاجة إلى تواجد عسكري له فيها.
القارة الإفريقية، فيها دول مثل غانا، تعاقب على رئاستها، منذ عام 1992، خمسة رؤساء، جميعهم منتخبون، وآخرهم نانا أكوفو، الذي تم تنصيبه بحضور العديد من رؤساء العالم، في السابع من يناير الماضي.
أما الدرس الذي قدمته تلك المنظمة ذات الأهداف الاقتصادية أساسا، فهو بقدر ما يمثل نقطة بيضاء في وجه افريقيا السوداء، فإنه ايضا يجلب الخجل وسواد الوجه، لمنظمات ومؤسسات اقدم وأعرق وأكثر قوة ومالا، وتأثيرا في العالم، عجزت عن ان تقوم ولو بجزء مما قامت به «ايكواس». والحكاية ان دولة جامبيا العضو في تلك المنظمة، جرت فيها انتخابات رئاسية ديمقراطية، تنافس فيه زعيم المعارضة مع رئيسها المزمن، القابض على السلطة التي وصل إليها بانقلاب عسكري لمدة سبعة وعشرين عاما. اختار الجامبيون زعيم المعارضة وصوتوا له، وأعلنت لجنة الانتخابات فوزه بثقة الشعب، في البداية، حدث ما يشبه المعجزة، وكالات الانباء العالمية تناقلت خبرا عن اعتراف الرئيس المزمن بالنتيجة، واتصاله بمنافسه مهنئا.. يا الله.. ما هذا التحضر الإنساني. لكنها طبعا «فرحة ما تمت»، نكص الرئيس المزمن على عقبيه، وسحب اعترافه، وتمسك بالسلطة، التي أدمنها.
تفاصيل كثيرة اكتنفت الأزمة، ليأتي الحل والدرس من ايكواس. المنظمة الاقليمية تعترف بالرئيس المنتخب، وتتحرك بكل ثقلها الدبلوماسي. رؤساء الدول الاعضاء يسافرون إلى العاصمة الجامبية بانغول فرادا وجماعات، لإقناع المزمن على ما يجب ان يقتنع به، من الانصياع لاختيار الشعب وقراره. تصرف عجزت عنه منظمات اقليمية، في منطقتنا، ربما لأن بيوت الجميع من زجاج، فأزهقت ملايين الأرواح وخربت حواضر العالم العريقة.
في النهاية ومع فشل الدبلوماسية تحركت ايكواس عسكريا، وتخلى عنه الجيش حفاظا على ارواح الشعب، فانصاع الرئيس المزمن وغادر إلى منفاه، حاملا آخر ما يمكنه نهبه من خزائن وطنه، ويدخل الرجل الذي اختاره الشعب إلى القصر الرئاسي.. صدق من قال «اطلبوا الديمقراطية ولو من إفريقيا».

بقلم : محمود عيسى
copy short url   نسخ
05/02/2017
4459