+ A
A -
ستطاع المغرب، خلال القمة الإفريقية المنعقدة في العاصمة الإثيوبية يومي 30 و31 يناير 2017، الحصول على عضويته داخل منظمة الاتحاد الإفريقي.
ويوم الثلاثاء الماضي كان اجتماع القمة على موعد مع خطاب استثنائي لمحمد السادس، امتزجت داخله لغتا العاطفة والواقعية.
في الواقع، كان الأمر بعيدا عن مجرد نزهة شتاء استوائية بأديس أبابا، ذلك أن معارك دبلوماسية شرسة كانت قد شهدتها أروقة الاتحاد، على الأقل منذ الصيف الماضي عندما أعلنت الرباط عن نيتها في العودة للبيت الإفريقي.
قبل قرار القمة، كان المغرب قد استفاد في حساب موازين القوى داخل هذه المنظمة القارية من مكاسب حقيقية، من ضمنها صعود الرئيس الغيني، «ألفا كوندي» إلى رئاسة الاتحاد، وهو القادم من البلد الذي تربطه مع المغرب علاقة صداقة متينة، فضلا عن انتخاب وزير الخارجية التشادي «موسى فقي محمد» رئيسا جديدا للمفوضية الإفريقية، التي تعد بمثابة الجهاز التنفيذي للاتحاد الإفريقي، محل الرئيسة السابقة «زوما دلاميني» التي دبرت الأنفاس الأخيرة من ولايتها على إيقاع محاولات عرقلة انضمام المغرب.
العرقلة تجلت في متتالية من المناورات السياسية، التي انطلقت بفكرة عرض الطلب المغربي على أنظار لجنة من الرؤساء الأفارقة، على ضوء «الإشكال» الذي تطرحه وجهة نظر جبهة البوليساريو، تم انتقلت إلى فكرة أخرى تتمثل في إحالة الطلب على الهيئة القانونية بهدف إبداء الرأي بشأنه قبل حسمه في قمة الصيف المقبل.
وإذا كان المغرب قد وجد، من جديد، نفسه في مواجهة مفتوحة مع الجبهة «الكلاسيكية» لخصومه والتي يقودها المحور الثنائي: الجزائر وجنوب إفريقيا، فإن لحظة انعقاد القمة الإفريقية، جعلت هامش تحرك الجهاز التنفيذي للاتحاد ضعيفا، حيث إن القرار السياسي والسيادي يصبح مباشرة بين أيدي القادة الأفارقة.
وهي اللحظة التي شكلت تكثيفا لهدف مركزي معلن للسياسة الخارجية المغربية، منذ اتخاذ القرار الاستراتيجي المتعلق بالعودة إلى المحيط الإفريقي، وضمنه، طبعا، حيازة مقعد العضوية بالإطار المؤسسي القاري.
لذلك لم يكن موعد القمة الإفريقية الأخيرة، بداية هذا الأسبوع، سوى محطة الحسم، داخل معركة طويلة النفس ومتعددة الواجهات، ولأنه كذلك فقد تميز بالأداء القوي للدبلوماسية المغربية من خلال الحضور الوازن للملك محمد السادس، الذي حول منذ سنوات الوجهة الإفريقية المغرب إلى عقيدة جديدة للسياسة الخارجية للبلاد، عبر تبني خطاب «جديد» بنبرة إفريقية وحدوية، تعيد إحياء مقولة التعاون جنوب/ جنوب، ومن خلال تعزيز شبكة من العلاقات الثنائية المستندة، بشكل مركب على قاعدة براغماتية واقتصادية، وعلى نمط من الدبلوماسية الثقافية والدينية، وعبر تطبيق سياسة داخلية/ جديدة للهجرة بعمق حقوقي وإنساني، كل ذلك بانخراط ملكي مباشر، مكثف وواسع (45 زيارة ملكية إلى أكثر من 24 بلد).
في خلفية الموضوع، وراء خيار «العودة» لإفريقيا رهانات اقتصادية وجيو استراتيجية، لكن قبل ذلك توجد بالطبع القضية الوطنية الأولى المغاربة، والمتعلقة بالوحدة الترابية للبلاد، ذلك أنه إذا كان سياق مغادرة المغرب لمنظمة الوحدة الإفريقية سنة 1984 يرتبط باعترافها بجبهة البوليساريو الانفصالية، فإن خيار ملء المقعد الشاغر بمنظمة الاتحاد الإفريقي، يرتبط بالتأكيد بمحاصرة أطروحة الانفصال داخل الإطار الإقليمي والمؤسسي الذي ظل واحدا من المعاقل المحورية لنفوذها المتآكل.
على المستوى الداخلي، فإذا كانت معركة العضوية داخل الاتحاد الإفريقي قد استثمرت حالة الإجماع الوطني التي تؤطر مواقف القوى السياسية من قضية الوحدة الوطنية، فإنها فضلا عن ذلك قد حققت تجاوبا طبيعيا، إذ إن اختيار العمل داخل هذه المؤسسة القارية يعتبر قناعة راسخة لدى غالبية الأحزاب السياسية ذات النزوع الديمقراطي والتقدمي، وهو ما يفسر درجة الالتفاف الوطني الواسع الذي حظي به قرار العودة للاتحاد الإفريقي.

بقلم : حسن طارق
copy short url   نسخ
03/02/2017
4456