+ A
A -
لم يحظ المسلمون بتعاطف دولي منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 مثل الذي يحظون به الآن على كافة المستويات في أنحاء متفرقة من العالم فقد حولت حماقات ترامب الخاصة بالقرار التنفيذي بمنع دخول المسلمين من ست دول عربية وإيران إلى ضحايا تعاطف معهم الملايين حول العالم، ولم يقف الأمر عند دعاة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة والمدعين العامين والقضاة والمحاكم الذين سارعوا لرفض قرارات ترامب وإنما وصل الأمر بمسؤولة كبيرة في الإدارة الأميركية هي سالي بيتس القائمة بأعمال وزير العدل التي أعلنت رفضها لقرارات ترامب وطالبت المدعين العامين بعدم تطبيق قرار ترامب التنفيذي الخاص بالهجرة أن يتم إقالتها بشكل غير مسبوق وأن تتهم من البيت الأبيض بالخيانة، كما قام مئات من الدبلوماسيين الأميركيين بصياغة مسودة ينتقدون فيها أداء ترامب بشأن القرار التنفيذي الخاص بمنع دخول المسلمين كما قام أكثر من مدعي عام أميركي برفع قضايا ضد قرار ترامب.
ولأول مرة تمتلأ المطارات الأميركية بمتظاهرين من كل جنس ولون جاؤوا يرددون هتافات مرحبة بالمسلمين وهذا أمر لم يكن أحد يجرؤ على القيام به منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
وأعلنت شركات عالمية مثل ستار باكس وغيرها منح آلاف الوظائف لمن أعلن ترامب الحظر عليهم، وأعلنت شركة أر بي إن بي لتأجير المساكن في أنحاء العالم أنها ستعطي سكنا مدفوع الإيجار للمتضررين من قرار ترامب حتى تتم تسوية حالاتهم.
وفي بريطانيا وقع أكثر من مليون بريطاني علي عريضة تطالب بإلغاء زيارة ترامب للولايات المتحدة، كما قامت الدول الغربية جميعها بعمل اتصالات بالأدارة الأميركية تطالبها بتوضيح موقفها من رعاياها الذين يحملون في نفس الوقت جنسية الدول السبع واستثناءهم.
وأهمية هذا التحرك المتعاطف مع المسلمين في أنحاء مختلفة من العالم أنه أعطى إنذارا لليمين المتطرف الذي ترتفع أسهمه في أوروبا الآن أن اضطهاد المسلمين واتخاذ إجراءات وإصدار تشريعات ضدهم وهو الأمر الذي كان مرحبا به دون أي تحفظات من قبل ربما لن يكون على الشكل الذي كان عليه من قبل، وأن وصف المسلمين المطلق بالإرهاب أمر لم يعد مقبولا في ظل أنهم أصلا ضحايا لسياسات الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة في بلادهم، ولولا جرائم الدول الكبرى في تلك البلاد ما اضطر هؤلاء للخروج من بلادهم والبحث عن مكان آمن.
لو أنفق المسلمون مليارات الدولارات من أجل استعادة تعاطف الغرب معهم كما يحدث الآن ما استطاعوا وقد كان مجرد الحديث باللغة العربية على ظهر طائرة أو في مكان عام في الولايات المتحدة قبل أيام من هذا القرار كفيلا بأن يضع صاحبه تحت طائلة الشكوك بأنه إرهابي، الآن يرفع الآذان وتقام الصلوات في كل مطارات الولايات المتحدة ويقف غير المسلمين يشاهدون بإعجاب من يؤدون الصلوات ممن كانوا يوصفون بالإرهاب بالأمس معلنين تعاطفهم معهم. النقطة الأساسية هي كيف يستفيد المسلمون من هذا العطاء الرباني لهم ويستثمرونه بشكل يعيد لهم ولدينهم المكانة التي يستحقونها سواء في الغرب أو الشرق؟

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
02/02/2017
88070