+ A
A -
إذا كانت صفة الانعزال والهدوء في الطفل ليست مستحسنة وغير مقبولة لدى القائمين على مهام التعليم،فإن صفة الفضول وطرح الاسئلة أيضا غير مستساغة ومرفوضة، والطفل المفعم بالحيوية والحماس يستدعي الأمر تدجينه بأسرع وسيلة ممكنة.. في عام 2004 اصدرت «سينيثيا توبياس» الأميركية التي تدير مؤسسة لطرق التعليم الحديثة كتابا بعنوان «أكره المدرسة» سبقه وتلاه عدة كتب تدور حول نفس الموضوع.وتثير «سينثيا» قضية في غاية الاهمية.وهي نظرة التربويين والأهل أيضا للطفل النشيط والمحب للمعرفة،إذ يعتبره هؤلاء طفلا مشاغبا يستوجب العلاج بالادوية المهدئة..المخدرة.. وأوردت واقعة حدثت معها في مدينة ترفيهية.إذ كان يقف بقربها أب عصبي، تدل تصرفاته وتعليقاته على الانزعاج من طفله الصغير المتحمس لكل شئ. وبعد فترة لم يطق الاب المتذمر صبرا والتفت نحوها وقال:أنظري ماذا يحدث له عندما نمتنع عن اعطائه دواء «الرتالين»..وعلقت الكاتبة والمربية في آن واحد على هذا الموقف بقولها: «وودت تذكيره أننا في مدينة ألعاب ومن الطبيعي أن ينطلق اولادنا ويتصرفون على طبيعتهم ليوم واحد على الاقل...والحقيقة المحزنة أننا نتوقع من الاطفال الهدوء والطاعة في كل الاحوال.وعندما كنت على مقاعد الدراسة كان يتم تصنيفنا على النحو التالي –الأكثر صخبا ونشاطا تنقصهم التربية والاخلاق،ويتم استدعاء اولياء امورهم مرة أو مرتان في الشهر،أما الفئة الاخرى التي لا تناقش ولا تجادل ولا تطرح اسئلة وتحفظ المقررات فمكانها قمة الهرم الاخلاقي.. وهناك دراسات في أميركا أوضحت ان سبعة من عشرة من تلاميذ المدرسة يتناولون ادوية تقلل من نشاطهم...واجرأ على القول ان الاباء والامهات هنا يستخدمون الضرب والتعنيف عوضا عن الادوية.والنتيجة واحدة..وتقول «سينيثيا»:اكتشفت بعد عشرين عاما من العمل في هذا المجال أن جميع المدارس تتبع نظاما واحدا للجميع مما يجعل الجميع يفكرون بأسلوب جماعي واحد،وفيما بعد وحين يخرجون للعالم ويبحثون عن وظيفة يصابون بالصدمة.لان المؤسسات تصر على
التفرد والابداع الخاص...خلاصة القول اننا حين نصطحب اطفالنا لشراء حذاء ولانجد مقاسه لا نطلب منه تغيير قدمه وانما نواصل البحث عن حذاء مريح يناسب قدميه...وفي التعليم هناك انظمة قليلة واذا الطفل لم يتقبل هذا النظام نجده مخطئا ولا نفكر ان هناك خللا في النظام نفسه. واقتبس هنا كلمات الاديب الراحل «أحمد امين»ان المدرسة التي تعلمك انك تذهب اليها لتنجح في الامتحان فقط،او تأخذ شهادة فقط،او لتتوظف فقط، يجب ان يتم اغلاقها،لانها تبعث افكارا ميتة وتوحي باراء جامدة.أن على المدرسة أن تعلم الناس كيف يحيون وكيف كان يعيش من سبقوهم وكيف ينبغي ان يعيشوا في المستقبل.وعليها ان تغرس في نفوس التلاميذ من اول روضة الاطفال هذا المبادئ بمختلف الوسائل حتى اذا سٌئل أحد منهم لم تذهب إلى المدرسة؟ يكون الرد لاتعلم كيف اصبح إنسانا....

بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
25/01/2017
2232