+ A
A -
بالرغم من أن أكثر من مائة وخمس وعشرين دولة عضواً في الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتبرت أن نظام الأسد في سوريا قد أصبح نظاماً فاقداً للشرعية الدولية والوطنية، وبالتالي لا يحق لأي دولة عضو في الأمم المتحدة عقد صفقات من أي نوع معه، إلا أن بشار الأسد مازال يتصرف وكأن لا شيء من هذا قد حدث، وكأنه مازال رئيساً شرعياً لسوريا وللشعب السوري الذي قتل منه أكثر من مليون شخص وشرد وهجر الملايين، عدا عن تدمير حاضرات المدن السورية والبلدات والمناطق على يد جيش النظام وشبيحته وحلفائه وأصدقائه ومن يدعون أنهم أعداؤه، وعدا عن تسهيل احتلال داعش لأهم المراكز التاريخية والاقتصادية في سوريا، وربما من نافل القول إنه لا يمكن لنظام الأسد التصرف على هذه الشاكلة في تأكيد شرعيته لو لم يكن هناك تواطؤ دولي يسمح له بفعل ما يريد دون أدنى إحساس بالخوف من المحاكمة، بل على العكس، تزداد يوماً بعد يوم محاولات تلميع الأسد عبر الإعلام الدولي، إذ مازالت كبرى الصحف والمحطات الفضائية في العالم ترسل إعلامييها لإجراء اللقاء تلو الآخر معه، ليتحدث حديثه الدائم، الذي يأتي تماماً على هوى الرأي العام العالمي، حول محاربة الإرهاب الذي يريد الفتك بسوريا، الرأي العام المصاب بالإسلاموفوبيا منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والذي لا يفعل الإسلام السياسي بفرعه الجهادي التكفيري سوى تعزيز الخوف من الإسلام لدى الجميع بمن فيهم المؤمنون بفرضية أن هذه التنظيمات الجهادية بكاملها تم التخطيط لها وتأسيسها عبر شبكة طويلة وعميقة من أنظمة المخابرات الدولية، هذا التلميع لصورة الأسد سيكون مقدمة للصفقات الاقتصادية والعسكرية التي عقدها الأسد مؤخرا مع كل من إيران وروسيا، فعدا عن التغير الديموغرافي الحاصل في سوريا سواء في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام واحتلتها التنظيمات الجهادية بعناصرها القادمة من الخارج والتي استقدمت عائلاتها واحتلت بيوت السوريين المهجرين، أو في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، حيث يتم بيع العقارات الحكومية والخاصة لإيران ويتم احتلال بيوت المهجرين ومنحها لمرتزقة الكتائب الشيعية التي استقدمها النظام لتقاتل إلى جانبه وبدورها استقدمت عائلاتها لتتوطن في سوريا، فقد وقع النظام مع إيران عقد المشغل الخليوي الثالث بسوريا بالشراكة مع الحكومة السورية،وهو مقدمة لعقود اقتصادية أخرى مع إيران يتم الحديث عنها بما فيه عقود إعادة الإعمار، كما أن النظام السوري وقع مع روسيا عقد إيجار منشأة بحرية في طرطوس لتصبح قاعدة عسكرية بحرية دائمة لمدة خمس وأربعين سنة تمدد لاحقاً لمدة خمس وعشرين سنة أخرى، بما يعني احتلالاً عسكرياً روسياً دائماً للساحل السوري على الأقل.
هذه العقود التي وقعت بشكل رسمي بين النظام السوري وكل من إيران وروسيا رغم القرار الدولي بمقاطعة النظام، وعدم اعتراض الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو مجلس الأمن على خرق قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة هو دليل نهائي على أن تبييض وجه النظام قرار اتخذ من قبل المجتمع الدولي وما يحدث هو أولى خطواته.
بقلم : رشا عمران
copy short url   نسخ
24/01/2017
3869