+ A
A -
بين كبرياء المجتمع وعنف خطوات الحكومة يوشك الهرم الاجتماعي في قطر على الانقلاب بشكل جذري، هناك من ينطلق نحو القمة كالصاروخ بدون دفع ذاتي وإنما التحاقا وجذبا من أعلى، وهناك من يهوي بسرعة البرق إلى القاع الاجتماعي بهوادة لا يستطيع أن يفعل تجاهها أي شيء.اتخذ الهرم الاجتماعي في قطر شكلا معقولا مع قيام الدولة وإعلان الاستقلال، بحيث حافظت الدولة على مسافة معقولة بين قمته الصغيرة وجميع مكوناته الاخرى،بل وساعدت على إنشاء مايمكن أن نسميه طبقة وسطى أدخلت باقي مكونات المجتمع الاجتماعية تقريبا فيها من خلال الوظائف الحكومية أو الدعم الاجتماعي المباشر.اليوم يتعرض هذا الهرم لهزة عنيفة جدا،تأخذ بُعدين خطيرين، على الأمن الاجتماعي للمجتمع، البعد الأول: يتمثل في إلحاق من يُراد إلحاقه مباشرة، بالطبقة العليا من خلال إشراكه في المشاريع،فتكونت طبقة طفيلية عريضة فوقية، لاتساهم في المجتمع لاضرائبيا ولا اجتماعيا، البعد الثاني: الاتجاه نحو الخارج، اتجهت هذه الطبقة الطفيلية لشراء البيوت والاستثمار في الخارج نتيجة هذا الالتحاق الاصطفائي، وقبل سنين قليلة لم يكن بإمكان الكثير منهم شراء بيت شعبي، لاأقول هذا القول انتقاصا، لكن أشير إليه لخطورته على المجتمع عندما تتحول السياسات من خطوات واستراتيجيات عامة إلى مجرد التحاق اصطفائي وانتقائي وأثر ذلك على المجتمع من جميع النواحي الاجتماعية والاخلاقية.
«محمد» متقاعد، يقول حاولت لمدة تزيد عن الثلاث سنوات للحصول على أرض في المنطقة الصناعية لكراجي في بداية الالفية وأعطيت رقما للمتابعة، واستمر حالي مراجعا لمدة تزيد على الثلاث سنوات وأخيرا قال لي المسؤول «شوف لك واسطة» بعد ما كشفت له اسماء من وزعت لهم أراض صناعية وهم في بيوتهم، ولايملكون مشروعا من الاساس، اليوم أعيش على راتب التقاعد وحالتي تزداد سوءا مع زيادة الاسعار.
«علي» متقاعد، يذكر أنه فكر في عدة مشاريع منها مكتب سفريات منذ سنوات قيل له، الموضوع مؤجل ومقفل حاليا، في حين كنت أرى أن هناك مكاتب جديدة تفتح بين حين وآخر.
«إبراهيم» موظف يقول «رغم الزيادات في الراتب إلا أن التضخم يأكلها، ارتفاع سعر وقود السيارات شهريا الذي يستدعي ارتفاعا مركبا في الاسعار لدى التجار جعل من الراتب شيئا متطايرا قبل منتصف الشهر ومراجعة المراكز الصحية الخاصة أمرا مكلفا أيضا لحالات الطوارئ بعد فشل نظام التأمين الصحي، والتعليم الخاص الذي أجبرنا علية إفشال التعليم الحكومي الجيد الذي كان سائدا على أيامنا» كل هذه الأمور تشكل هما يزداد يوما بعد آخر على قلب المواطن. الذي لا يسأل سوى عليه أن يدفع ويتحمل.
هذه نماذج من الكثير الذين لم يشملهم الاصطفاء ولايزالون يعيشون وطنهم وقيادتهم حبا وإخلاصا..
يقول أحدهم، كنت كلما تذمرت قال لي أبي: ياولدي مدَ لحافك على قد رجلك، اليوم أرى أنه لم يعد هناك لحاف.
قبلنا بالطابور ولم يقبل بنا لقلة عددنا أمام جيش المجنسين والقادمين الجدد مع احترامنا للجميع.
أرى حتى وقوف القطري في الطابور أمام مؤسسة خدمية عمل لايستوجبه النظام لا لأنه متميز ولكن لأن الطابور شيء طارئ عليه لم توجد حاجة أصلية، وإنما استجابة لحالة طارئة استوجبتها ظروف الغير وكثافة تواجدهم.
هرم المجتمع ينقلب، وتنقلب معه القيم والمبادئ وتتغلب المادة فيه على المعنى والزيف على الاصالة.
بقلم : عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
23/01/2017
2375