+ A
A -
سمعت مرة من أحد شيباننا الأوائل أنه يأكل إلية الخروف كما نأكل الكنافة الآن.
يلتقم الشحم منه كأنه يقطف حبة عنب من عنقود، فيأكلها وتذوب في فمه ثم تطحنها معدته كأنها لم تكن.
ليس هناك كلسترول، ونادر جدا تحدث الجلطة، ومحال عليهم الكسل، لإن الحياة آنذاك تحتم عليهم العمل الشاق وحرق السعرات وتخليص الجسم من السموم.
لكن الحياة تغيرت اليوم، لم نعد كما كنا، ولم تعد الحياة كما كانت.
اليوم يحتم عليك هذا الزمان أن تهتم بصحتك مثلما تهتم بحياة ابنك، تكون أنت المسؤول عن أكله وشربه ونومه وصحته كلها.
نسمع ألف تحذير عن المشروبات الغازية، ورغم ذلك لا نستلذ بالأكل إلا معها.
نسمع ألف تحذير عن الوجبات السريعة والزيوت المهدرجة، ورغم ذلك نأكلها كأنها الوجبة الأخيرة.
نسمع ألف تحذير عن الكسل والخمول، ورغم ذلك فأننا نعقد معاهدات سلمية مع الفراش تأخذ نصف أعمارنا أو أكثر.
نسمع عن مضار الإكثار من الحلويات والتدخين والدهون والأكل المعلب وأكل المطاعم والشيشة ووو، ورغم ذلك نتجاهل، لأن قوة الشباب تشعرنا أننا لا نشعر بشيء من تلك التحذيرات.
حتى إذا ما وصلت الواحد منا إلى الخمسين سنة اقتحمته كل تلك الإمراض دفعة واحدة.
حينها فقط سنتذكر كل تلك التحذيرات التي حسبنا أنها تهويل ومبالغة، حينها فقط سنتذكر كم كنا مفرطين.
على فكرة أنا انصح لكم ولكني مثلكم لا أنتصح..
أكتب لكم الآن وأنا أجلس في كافي فيه التالي:
جو مملوء بالدخان.
علبه مشروب غازي.
صحن كنافة حمراء كأنه خد فتاة سويدية محمرّ من الصقيع.
بانتظار ان تأتيني القهوة التركية المركزة بوجهين.
بعدها...

بقلم : بن سيف
copy short url   نسخ
22/01/2017
1484