+ A
A -
الفلسطينيون ومنذ اللحظات الأولى لمفاوضات التسوية قبل مؤتمر مدريد قبل نحو ربع قرن وهم يؤكدون قبولهم بتسوية تقوم على أساس «حل الدولتين» ويقدمون الدليل تلو الآخر، والتنازل تلو الآخر، لتأكيد التزامهم بالعمل من أجل تطبيقه، وعلى النقيض من ذلك عملت حكومات دولة الاحتلال العنصرية الدليل تلو الآخر والتشدد المتصاعد، وباذلة كل طاقاتها المدعومة من حليفتها الاستراتيجية الإدارة الأميركية، وزعيمة الاستعمار القديم بريطانيا، من أجل إجهاض محاولات التوصل إلى تسوية قابلة للحياة، فكرست بسياساتها الاحتلالية الاستيطانية وكل أشكال السيطرة والغطرسة القائمة على إدامة الاحتلال واغتيال كل الفرص التي أتاحها الفلسطينيون ومعهم الدول العربية للتوصل إلى السلام والأمن للجميع.

والعمل من اجل السلام، أو تأييد الجهود للتوصل إليه، يبقى كلاما في الهواء ما لم يترجم هذا «الادعاء» على الأرض، وقد ثبت في مجلس الأمن «الدولي» مرة تلو أخرى؛ بأن العالم لا يقيم وزناً إلا للقوي، والقوي هنا اسقط «الحلم الفلسطيني» بإنهاء الاحتلال وإقامة دولته بعد أن يئس من «وعد أوسلو» قبل أكثر من ربع قرن، وفرض رغبته المدمجة بالرغبة الإسرائيلية الاحتلالية للواقع بحسب الأجندة الصهيونية- الأميركية على الفلسطينيين والعرب الضعفاء الذين يستجدون المجالس الأممية المنزوعة الإرادة.

وإفشال المشروع الفلسطيني لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس، لا تتحمله دول الاستعمار القديم والجديد بأشكاله المتعددة وبأسمائه الخادعة فقط، وإنما يتحمل مسؤولية استمرار الاحتلال الإسرائيلي «قيادة أوسلو الفلسطينية» أولا والعرب الذين يدعون أن القضية الفلسطينية هي قضيتهم الأولى، لسبب شديد الوضوح، وقد لا يختلف عليه حتى حلفاء واشنطن أنفسهم، وهو الاستسلام للسياسة الأميركية غير المعنية إلا بالأطماع الصهيونية، وقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك بأن الإدارة الأميركية كانت جاهزة لاستخدام «الفيتو» كعادتها لإسقاط موقف «الأغلبية» لحماية الاحتلال لو لم تذعن نيجيريا وتنقذ واشنطن الرافضة بقوة لإنهاء الاحتلال وقيام حل «الدولتين» الوهمي وهو في الأساس «طرح أميركي»، بموقفها المستغرب ورضوخها للضغوط الأميركية والإسرائيلية وتنضم إلى الأردن وروسيا والصين والأرجنتين وتشيلي وتشاد ولوكسمبورغ لصالح المشروع الفلسطيني لإنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية.

والموقف الأميركي الضاغط لإسقاط الحق الفلسطيني في مجلس الأمن ليس المرة الأولى، ولن يكون الأخيرة إذا ما فكر العرب والفلسطينيون باللجوء إلى بوابة العجزة والمستسلمين وهم يعرفون النتائج سلفا، فإن الطريق الحقيقي إلى إنهاء الاحتلال، وقيام الدولة الفلسطينية، ليس إلا عن طريق الخيار الذي الذي أسقط العرب و« قيادة أوسلو» من حساباتهم.

copy short url   نسخ
04/01/2015
58997