+ A
A -


ايام وتشرق شمس عام جديد..، العام الخامس عشر بعد الألفين، بعد ان ودع عاما آخر التحق بالتاريخ رقما، عام اصرعلى ان يختتم ايامه بالسواد بتناول والدي من بيننا فجأة من دون أي مقدمات الى الرفيق الاعلى، ليشعرني قولا وفعلا بمعنى « اليتم»..

ان يختفي عزيز عليك بل الاعز، حيث لالقاء بعده امر لااقول صعبا بل انه اصعب من الصعب بكثير، يكاد المرء ان يفقد ادراكه لولا الايمان بان الموت هو الحقيقة الوحيدة التي يجمع عليها كل البشر، وما دونها تبقى قابلة، للحوار و النقاش والرفض والقبول والاقتناع ومن عدمه، ووجهات النظر والاختلافات، ومع ذلك يبقى المرء تائها لايكاد يصدق، يتفجر عقله من شدة محاولة جذب هذه الحقيقة وتطويع النفس والروح في محرابها.

عام 2014 الذي يودع عالما عبث به كثيرا، وطغى عليه اللونان الاحمر والاسود، ليضيف سنة اخرى قاسية، ورقما جديدا للاعمار، وللفرد والوطن والامة، رقما آخر جديدا ايضا، وللحركة الكونية بكل دقائقها وأبعادها، وكما جرت العادة تتدافع الناس في لحظاته الاخيرة للاحتفاء بالقادم الجديد عله يكون افضل مما سبقه، وتختفي الالوان الحزينة والدامية، ويختفي الدمار والذبح للانسان كما تذبح الشياه، ومن لم يذبح بأيدي الارهابيين، يذبح بأيدي وحوش الغلاء الذي يجتاح كل متطلبات الحياة الكريمة، لتتضخم فئة لاتعرف للرحمة طريقا ولاتتعظ ممن شربوا من كأس الموت الذي يطوف على الجميع من دون استثناء، ولم يأخذوا معهم الى القبر غير « العمل الصالح»..

وكالعادة تتدافع الاحتفالات في اللحظات الأخيرة احتفاء بقدوم المولود الجديد، غير مدركين انهم يحتفلون بأن اعمارهم نقصت عاما.. وانهم يسيرون نحو النهاية.. كل شي يزيد كلما نقص الاالعمر ينقص كلما مرت السنوات.. لقد اصبحت من أبرز معالم العصر الحديث الذي تحول فيه الى غابة يأكل فيه القوي الضعيف، وينتشر فيه الموت والقتل والدمار، وتغتال فيه العدالة الحرية تحت مسميات شتى لاتمت للقيم والاخلاق، والاديان السماوية، وخاصة في المنطقة العربية والاسلامية..

ويتواصل دوران الساعة دون كلل او ملل والواقع العربي والإسلامي يزداد غرقا وهوانا وذلا، مع دورانها في ظل ضعف ومصادرة لقرارها المستقل كنتيجة حتمية لما شهدته وتشهده من صراعات لايستفيد من حصيلتها غير اعداء الامة.. ويذهب ضحيتها الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ، وتخسر الأمة خيرة شبابها ما يؤدي الى مزيد من الضعف بالتزامن مع تعاظم قوة الاعداء وبخاصة العدو الصهيوني.

عام مضى.. وآخر يدق الابواب ونحن نواصل التمنيات والدعوات، ولكن من غير حراك، نلتهم ما تنتجه عقول الامم الاخرى،ونتفاخرونستعرض بها، وعقولنا مرهونة بالتمنيات والدعوات.. نريد من السماء ان تمطرلنا تحريرا وحريات واستقلال ونصرا على الاعداء الذين في الواقع نقدم لهم كل مكونات قوتهم.

وكل عام نجتر الكثير من الامنيات كالعادة.. ونتبادل القول « كل عام وانتم بخير».. ولكن ( لاخير في امة تأكل مما لاتزرع وتلبس مما لاتصنع ).
copy short url   نسخ
27/12/2014
3876