+ A
A -
يوما بعد يوم تتكشف خيوط خطط جهنمية لافقار الشعوب العربية بدأ بعضها بشكل مبكر وأصبح واضحا في بلاد عربية غنية سيطرت فيها طبقة على السلطة والمال ثم أفقرت الشعب بشكل منظم حتى أوصلته إلى مرحلة الفقر المدقع في كثير من الأحيان، والعراق الغني واحد من تلك الأقطار، وشعبه أحد هذه الشعوب، ولن نذهب بعيدا أو نرجع إلى مئات أو عشرات السنين ولكننا نعود فقط إلى خمسة وثلاثين عاما خلت وتحديدا إلى العام 1980 قبل أن يغرق العراق في أوحال الحروب والخراب والدمار، فقد كان دخل المواطن العراقي يعتبر من الدخول الأعلى ليس عربيا فقط وإنما عالميا، أما الدينار العراقي فقد كان يزيد عن ثلاثة دولارات، حينها تم توريط صدام حسين في الحرب مع إيران التي استمرت ثماني سنوات واعتبرت من أطول الحروب خلال القرن الماضي وبلغت خسائرها ما يقرب من تريليون دولار تحمل العراق فيها وحده أكثر من 400 مليار دولار ثم جاءت حرب الخليج الثانية بعد توريط صدام حسين أيضا في مغامرة غزو الكويت، حيث تم تدمير العراق وحصاره ثم صناعة أكذوبة الأسلحة الكيماوية وتدخل القوات الأميركية في العام 2003 حيث سلمت العراق على طبق من ذهب للإيرانيين الذين صنع الأميركان منهم أعداء وهميين منذ سيطرة الملالي على الحكم في العام 1979، و يتلذذ الإيرانيون في إذلال الشعب العراقي وافقاره بل ونهب ما في أيدي الناس حتى أصبح كثير من العراقيين لا يجدون قوت يومهم، فتم إفساد الطبقة السياسية واستيعابها ضمن منظومة التخريب حتى أن مشعان الجبوري رئيس إدارة الفساد في العراق ظهر في شهر فبراير من العام الماضي على شاشة إحدى الفضائيات وقال «الجميع فاسدون من قمة الهرم إلى قاعدته، نعم جميعهم فاسدون بما فيهم أنا ولا يوجد حل» والغريب في الأمر أن تتحول السرقة والفساد في العراق إلى مرض يتفاخر به اللصوص والفاسدون، وقد توحش الفساد وأكل كل مافي أيدي الناس، وحينما نتحدث عن الفساد في العراق فإن المليارات هي أرقام ضئيلة في بلد يعتبر الأغني عالميا باحتياطات النفط وإنتاجه، هذا البلد الغني يتسول الآن من البنوك العالمية حتى أصبح حجم الديون التي اقترضها تزيد على عشرة مليارات دولار كأنها مع مئات المليارات التي نهبت خلال السنوات الماضية قد سقطت في قاع بئر لا يعرف أحد له قرار، ومع عجز النظام عن محاربة الفساد بل ومشاركته من قاعه إلى قمته فيه، فإن الشعب وحده هو الذي يدفع الثمن من خلال الضرائب العالية والرسوم المرتفعة لكل الخدمات العامة في كل المجالات التي تفرضها الحكومة لكن أخطر ما تقوم به الحكومة الحالية الغارقة في الفساد ليس فقط تبديد الثروة والاقتراض بفوائد تصل إلى 30 % ولكن التفاوض على رهن بعض آبار النفط للمقرضين وهي أكبر جريمة تاريخية يتعرض لها شعب العراق وأجياله القادمة.

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
18/01/2017
62999