+ A
A -
من المنتطر أن تبدأ المفاوضات بشأن سوريا ومستقبلها في استانة عاصمة كازاخستان في الثالث والعشرين من الشهر الجاري مع ترتيبات يبدو أن لموسكو اليد الطولي فيها فاختيار عاصمة كازاخستان التي تعتبر اقرب حلفاء روسيا في دول آسيا الوسطى والتي يمثل الروس ربما 25 % من سكانها وكذلك كونها تتمتع بعلاقات سياسية وجغرافية ودينية مع تركيا له دلالات في توافق الدولتين الراعيتين للمباحثات روسيا وتركيا، لكن عدم احترام وقف إطلاق النار من قبل قوات النظام والمليشيات التابعة لها وعلى رأسها مليشيات حزب الله اللبناني وما يرتكبونه من جرائم في وادي بردى بالقرب من دمشق يؤكد على أن الروس يغضون الطرف أو ليس لديهم مانع من مثل هذه الخروقات والجرائم التي تجري بشكل شبه يومي في أنحاء متفرقة من سوريا منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار وما يهم الروس في الأمر هو ترتيب أمرهم وأمر حلفائهم من الإيرانيين والسوريين في النهاية بغطاء سعوا أن يكون للولايات المتحدة دور هام فيه وقد كان إعلان بوتين في البداية أن اتفاق وقف إطلاق النار سيكون هشا مؤشرا منح النظام والمليشيات التابعة له الفرصة لكي تخرق إطلاق النار بشكل دائم ، وبينما تمارس تركيا ضغوطا على الفصائل المسلحة حتى لا تتغيب عن مؤتمر استانة فإن دولا كثيرة وعلى رأسها إسرائيل تريد أن يكون لها حضور في المؤتمر الذي ربما يحدد مصير سوريا ومستقبلها الديمغرافي والسياسي ، ورغم أنه من غير المعتقد أن يتم تسوية القضية في المدى المنظور في ظل عدم رغبة الغرب في إنهاء وضع تنظيم الدولة الاسلامية داعش وعدم التحرك الجدي ضد وجودها في سوريا وخذلان تركيا في معركتها ضد تنظيم الدولة في الباب، فإن هذا وحده دليل كاف على أن الحل في سوريا هو أمر بعيد المنال في الوقت الراهن، وأن ما يجري هو ربما يكون نقلة من مرحلة الدمار والقتل والتهجير القاسي إلى مرحلة متوسطة الدموية تمكن النظام من تغيير الخريطة الديمغرافية للتركيبة السكانية والجغرافية للشعب السوري وتمكن الروس كذلك من ترتيب الأوضاع مع النقلة التي يمكن أن تحدث في العالم في ظل نظام ترامب الذي يصعب على كثيرين التكهن بالكيفية التي سيتعامل بها مع الوضع في سوريا والمنطقة بشكل عام لاسيما في ظل التسريبات عن العلاقة المميزة التي يمكن أن تجمع ترامب مع بوتين، فالتفاوض في البداية والنهاية يجري على أشلاء الشعب السوري وعلى أشلاء الدولة السورية التي لا يمكن أن تعود إلى ما كانت عليه .
ستنطلق المفاوضات بمن حضر لكنها لايمكن أن تفرض حلولا في ظل مطامع إيران والنظام التي لا حدود ولا نهاية لها وفي ظل مخطط إسرائيل أن تتحول سوريا في النهاية إلى دويلة حماية لحدودها الشمالية الشرقية بينما تريد روسيا أن ترسخ وجودها في البحر المتوسط أما المعارضة الممزقة فإنها ستكتفي بسوريا ممزقة مثلها لأن الفرقة لا يمكن أن تعيد بلدا أو حتى تحافظ على ما تبقى منه .

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
17/01/2017
39648