+ A
A -
قد يعجب هذا الجيل عندما يعلم أن مجلتي «ميكي» و«سمير» شكلتا جزءا هاما من وعي شباب منتصف الستينيات، تلك الشخصيتان اللتان أنتجهما خيال «والت ديزني» وتولت دار الهلال على ما اعتقد ترجمتهما عربيا وهي الدار التي انشأها جورجي زيدان الاديب العربي المسيحي الديانة، وأضافت الدار في ترجمتها إلى المجلتين أبعادا ثقافية كثيرة وحملت هاتان الشخصيتان البسيطتان حمولة ثقافية من خلال الحوار والقصة، كنت أقرأ في مجلة «ميكي» عمود «فكرة» لمصطفى أمين، وأتابع الدوري الكروي المصري من خلالهما كذلك، بالإضافة إلى مجلتي «المصور» و«آخر ساعة» السياسيتين، تابعت كاس العالم عام 66 حيث لا إرسال تليفزيونيا ولاحتى إذاعيا عن طريق هذه المجلات، أشتريها جميعا، وأجلس أفتش عن أخبار كاس العالم ونتائجه، ثم ظهرت مجلة «سوبرمان» وصراع الخير والشر ومترجمة عربيا لنعيش مغامرات سوبرمان في ملاحقة أشرار هذا الكوكب وهو المخلوق الآتي من كوكب آخر. مكتبة العروبة في شارع عبدالله بن ثاني، هي المكان الذي مازلت أذكره عندما لا أجد مجلة متوفرة في إحدى البقالات أو الدكاكين التي تبيع فيما تبيع عددا محدودا من المجلات، عرفت النادي الاهلي ونادي الزمالك ونجومهما، مثل رفعت الفناجيلي وصالح سليم والشيخ طه ويكن وحمادة إمام، اثرت الهزيمة كذلك على هاتين المجلتين، لانهما كانتا مشروعا ثقافيا رغم اسميهما وشخصيتيهما الطفوليتين فظهرتا بشكل آخر مكتئب، لتظهر بعدهما المجلات وقد غلبت عليها الطابع الايديولوجي الحاد ورائحة أخرى غير تلك التي كانت سائدة. قرأت لفكري أباظه شيخ الصحفيين المصريين في إحدى هذه المجلات واعتقد انها «المصور» كما كانت احدى مجلات الاطفال تنشر له واعتقد انها مجلة «ميكي» كذلك، أما اول كتاب وقع تحت بصري في تلك الأيام فهو كتاب «الإسلام في وجه الزحف الاحمر» للشيخ محمد الغزالي رحمه الله، وكتاب آخر له هو «من هنا نعلم» ردا على كتاب خالد محمد خالد «من هنا نبدأ» الذي دعا فيه للدولة المدنية، وكذلك مذكرات أحمد الشقيري أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهي مجلدات تحت اسم «حوار وأسرار مع الرؤساء والملوك العرب».
كانت مجلتا «ميكي» و«سمير» تنتهجان منهجا إنسانيا، لذلك كان محتواهما إنسانيا، تجد فكرة مصطفى أمين إلى جانب اخبار النادي الأهلي، إلى فتاوي الشيخ شلتوت أو المراغي كإجابة عن أسئلة احد القراء. وهي تخرج من دار نشر أسسها مسيحي عربي، هذه هي الثقافة التي نفتقدها اليوم، ثقافة العروبة الجامعة والعقيدة المتسامحة والهوية الإسلامية التي يفتخر المسيحيون العرب بالانتماء إليها، هكذا كان الإنسان العربي، وهناك كانت «الأرض بتتكلم عربي».

بقلم : عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
16/01/2017
1518