+ A
A -
كان رسـول الـلـه صلى الـلـه عليه وسـلم أمياً، لكنه كان أحرص الناس على القضاء على الأمية. في غزوة بدر جعل فداء الأسـير الذي لا يملك المال أن يعلم عشرة من المسـلمين القراءة والكتابة (محو أميتهم) وجعل تعـليم البنت القرآن صداقـاً لها، وما زلنا بعد أربعـة عشر قرناً نشـكو من الأمية الأبجدية، فما بالك بأشكال الأمية الأخرى؟
مر اليـوم العربي لمحو الأمية دون كثير من الاهتمام، مع أن هذا «الوباء» أخطر بكثير من الأوبئة التي قد تصيبنا، ومع أن نسبة الأمية في الوطن العربي ضعف المتوسّـط العالمي في الأمية تقريباً، كما لا تـزال نسبة الأمية عـند الإناث ضعـفها عـند الذكور، وفق إحصائيات المنظمة العربيـة للتربية والثـقافة والعـلوم (الألكسـو). تشـهد نسـبة الأميـة في الوطن العربي تناقصاً مستمراً منذ سبعينيات القرن العشرين، لكن أعداد الأميـين نفسـها ما زالت في ارتفاع، يقـدر أن محـو الأمية في كامل العالم العربي لن يحصل قبل عام 2050. يقدر عدد الأميين في الوطن العربي اليوم بحوالي 70 إلى 100 مليون نسمة، يُمثـلون 27% من سـكان المنطقة، وتبلـغ نسـبة الإناث من الأميـين حوالي 60 إلى 80% بالإجمال، تبلغ نسـبة الأميـة بين الذكور في الوطن العـربي 25%، وبين الإناث 46%. وقد أفاد تقرير الرصد العالمي للتعليم في سنة 2011 بأن عدد الأطفال غير الملتحقين بالتعليم في البـلاد العـربية يبلغ 6.188 مليون طفل، كما أن 7 إلى 20% من الأطفـال الملتحـقين بالفعل بالتعـليـم يهـربون منه خـلال المرحلـة الدراسـية الأولى، بل وتـبلغ النسـبة في بعـض الـدول 30%.
وفي العالم العربي، واحد من كل خمسة بالغين يعاني من الأمية 19%، ويحق لقطر أن تفخر بأن فيهـا أدنى نسـبة من الأميـين 2%، ويفخـر الفلسـطينـيـون والأردنـيون بأنهـم في المركـز الثـاني 3%، البحـريـن والكويـت 4% السـعوديـة 5% عـمـان 5% الإمارات ولبنـان 6%، وتـتصاعد النسـبة، ففي سـوريا 14% وفي العراق 20% وفي المغـرب يعاني 10 ملايـين شـخص من آفة الأمية 28%وعدد سـكان المغرب يقارب 34 مليوناً، ما يعني أن قـرابة ثلث السكان أميون، وتعاني نصف المغربيات فوق سـن 15 سـنة من الأمية. أما في مصر، فربع السكان البالغين أميون. وتقبع موريتانيا في ذيل القائمة بنسبة 48%.
مازلنا نتحدث عن أمية القراءة والكتابة، فإذا انتـقلنا إلى أشـكال الأمية الأخرى فإننا سـنفاجأ بنسـب عالية جداً في التعـامل مع التـكنولوجيا وفي الثقـافة وحتى في معـرفة لغة قرآننا. ألا تستفزنا هذه النسب للسعي إلى محو جميع أشكال الأمية بدلاً من الالتهاء بما لا يفيد؟

بقلم : نزار عابدين
copy short url   نسخ
16/01/2017
2894