+ A
A -

دخلت أزمة تشكيل الحكومة في المغرب شهرها الرابع، وما تزال آفاق الخروج من نفق الأزمة غير واضحة، أو على الأقل لا يعرف المغاربة كيف ومتى سيكون ذلك.
سؤالان يطرحان في المغرب حالياً وبإلحاح، لماذا أخفق عبد الإله بن كيران رئيس الحكومة المعين في تشكيل حكومة ائتلافية يحصل به على الأغلبية في البرلمان؟
خاصة أن قدراته القيادية واضحة، وهو رجل له كاريزما ولديه ثقة كبيرة في مهارته السياسية، يؤمن أن المغرب يحتاج إلى رؤيته ورؤية حزبه التي تقول بإمكانية «الإصلاح في ظل الاستقرار»
والسؤال الثاني.. ما هو الموقف إذا فشل بن كيران في مهمته، في ظل دستور لا يقدم أي بديل واضح؟
لفهم المأزق الحالي لابد من بعض التفاصيل.
تجري الانتخابات في المغرب بنظام اللائحة في كل دائرة وتتراوح مقاعد كل دائرة انتخابية بين مقعدين وثلاثة مقاعد.
نمط الاقتراع والقوانين الانتخابية المعتمدة حالياً، يمكن أن تضع أي حزب في الصف الأول، لكن لا تمنحه الأغلبية داخل مجلس النواب الذي يبلغ عدد مقاعده 395 مقعداً.
عندما حان موعد الانتخابات في أكتوبر الماضي وضع كثير من المغاربة الذين ذهبوا إلى مراكز الاقتراع والذين يتوقون للفكاك من أسر مشاكل اقتصادية وتدني الخدمات خاصة في المناطق النائية ومحاربة الفساد الإداري والمالي، ثقتهم بصورة حاسمة في حزب العدالة والتنمية. هكذا بدا للناخبين أن الائتلاف الحكومي ذا الأغلبية الإصلاحية التي يقودها «الإسلاميون» والذي قام بإصلاحات لم تحسن أحوال الناس بالسرعة التي ينشدونها لكنهم وجدوا فيها أملاً يمكن أن يمنح فرصة أخرى.
هكذا احتل حزب العدالة والتنمية بقيادة عبد الإله بن كيران المرتبة الأولى، وحصل على 125 مقعداً، لكنه كان يحتاج إلى 75 مقعداً حتى يحصل على الأغلبية.
وكان طبيعياً أن يتجه بن كيران إلى البحث عن تحالفات مع أحزاب أخرى، بيد أنه ومنذ البداية انطلق بمشاورات ملتبسة.
كان خيار بن كيران الأول التحالف مع الأحزاب التي تعرف باسم «الكتلة الديمقراطية»، وتضم أحزاب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، وبدلاً من أن يمضي في هذا الاتجاه تراجع عنه بعد أن أدلى حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال بتصريحات بشأن موريتانيا قال فيها إنها كانت جزءًا من المغرب، وهو ما أثار عليه غضب القصر الملكي، لذلك تردد بن كيران في ضم حزب الاستقلال للحكومة، إضافة إلى أن حزب الاتحاد الاشتراكي اتخذ موقفاً ملتبساً بشأن المشاركة في الحكومة.
بعد ذلك اتجه بن كيران نحو حزب «التجمع الوطني للأحرار» الذي يقوده عزيز أخنوش المقرب من القصر الملكي، الذي اشترط عليه إبعاد حزب الاستقلال، وضم ثلاثة أحزاب للحكومة وهي الحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري، هذا الموقف أثار غضب بن كيران فأصدر بيانا يقول فيه إن «الكلام انتهى» مع هذه الأحزاب.
وكان بن كيران قد استبعد منذ البداية من مشاوراته حزب «الأصالة والمعاصرة» الذي احتل المرتبة الثانية وحصل على 102 مقعد.
هكذا دخلت المفاوضات بشأن تشكيل الحكومة إلى نفق. وهكذا طرح المغاربة السؤال، الآن كيف يكون الحل؟ خاصة أن الدستور يشترط أن يعين العاهل المغربي عضواً من الحزب الذي يحتل المرتبة الأولى بتشكيل الحكومة وفي حالة فشله يكون الحل هو إجراء انتخابات جديدة، وهو خيار مكلف وصعب وتكتنفه تعقيدات.
هكذا وجد المغاربة أنفسهم أمام جدار، وحتماً ليس هناك ما هو أسوأ بالنسبة لأي بلد من أن يستيقظ سكانه كل صباح ويتساءلون بشيء من القلق عن متى تحل أزمته السياسية؟.
مشكلة المغرب حالياً أن هناك مشاعر قلق آخذة في التزايد من إمكانية انزلاق البلاد نحو أزمة سياسية يطول أمدها، تؤثر على الوضعية الاقتصادية التي تحققت والاستثمارات التي جذبتها حالة الاستقرار والانفتاح والعلاقات المتوازنة مع الخارج، والتي جعلته بلداً مستقراً في منطقة مشاكلها بلا حصر.
بقلم : طلحة جبريل
copy short url   نسخ
14/01/2017
4252