+ A
A -
اذا كف الماضي على أن يكون قيما على الحاضر، فنحن نمر في طور الإصلاح، لا يصلح آخر هذه الأمة الا بما صلح أولها قول لا يمكن التأكد منه بل ليس صحيحا، تثبيت الماضي بشروطه القائمة حينئذ على الحاضر المتغير.
مثل هذه الأقوال المنتشرة والمتداولة دينيا واجتماعيا تشطح بفكر الإنسان إلى إلى أبعد نقطة من الاختزال وعدم اشغال الفكر والتوقف عند الماضي كنموذج في معاكسة واضحة للفكر السليم وللمنطق القويم. كيف بصلح الماضي الحاضر؟ يتم ذلك حينما يتوقف الماضي أن يكون نموذجا للتكرار ويتحول إلى مشروعا للفهم فقط. فلذلك يمكن استعادة المقولة كالتالي لن يصلح اول الامة الا حين يصلح آخرها بمعنى انه لن يكون مشروعا للفهم الا اذا تخلص آخر الأمة منه كقيد وكمشروع استعادة جاثم على الاذهان.
مشروع استعادة الماضي هو الاساس مشروع استبدادي بدرجة كبيرة، بل أنه أبو الاستبداد الديني والسياسي الذي تعايشه الأمه. لم نفهم العصر الاول بل اكتفينا بترديد مقولاته واختزلناه إلى إفيهات» بلغة التمثيل تردد وتدخل في الادمغة دون وعى ولا إدراك، يعززها من يعتلى المنابر دون يقظه حقيقيه بتبدل الحال والزمن. اذا أول الامة صالحا فإصلاحه ذاتي ولا يمن تمرير ذلك الاصلاح الا بشروط الزمن المتغير فبذلك قد لا يكون ذلك الاصلاح في تلك المرحلة هو نفسه ما يتوجبه الزمن وشروطه في مرحلة أخرى، فهو حالة من الاصلاح وليس مشروعا للإصلاح أبعد من زمنه وشروطه.
أن يتحول أول هذه الأمة إلى مشروع للفهم لا يمكن إعادته ولكن يمكن استيعابه هو الحل الوحيد والممكن، الوعي الايماني بذلك يجب أن ينتقل من استحالة إعادة الماضي والتركيز عليه دعويا وخطابيا إلى الدعوة إلى فهمه ودراسة شروطه المعرفية وكسر نمطية الاقوال المبسترة التي تعبر الزمن والجغرافيا والعصور دون ادراك لخطورتها وما تركزه من أفكار طوبائية تعيش الامة في تصورها وتخيلها دون قدرتها على تحقيقها، فتبدو الأمة وكأنها حالمة في وقت اليقظة بل ويطول بها الحلم ولكن دون ان تستلذ بحلو منام.
بقلم: عبدالعزيز بن محمد الخاطر
copy short url   نسخ
11/01/2017
1522