+ A
A -
الشاب فادي قنبر الذي نفذ عملية دهس الجنود الاسرائيليين في القدس ليس ذئبا منفردا، ولاينتمي بالضرورة إلى مجموعة مسلحة أو تنظيم، فهو لا يحتاج إلى تعبئة أو تحريض، ذلك ان اسرائيل التي قتلت الاعتدال وقيم العدالة والتعايش لن تحصد غير التطرف والمقاومة بكل اشكالها.
شباب فلسطين الذين يرفضون الذل والاحتلال، قاوموه بشتى الوسائل حينا بالحجر وحينا باليد العارية وحينا بالرصاص، ولجوءهم إلى اعمال الدهس كاسلوب مقاومة، وفي عاصمتهم المحتلة خصوصا، بدأت قبل سنوات من ظهور تنظيم «القاعدة»، وعقود من وجود تنظيم «داعش». ولم يفاجىء نتانياهو احدا عندما سارع إلى ربط عملية الدهس الاخيرة بنظيراتها في نيس وبرلين اللتين نفذهما شابين ينتميان إلى «داعش»، فهو بذلك يكرر ما فعلته حكومته بربط الفلسطينيين بهجمات 11سبتمبر 2011 لتصوير نضالهم الوطني من اجل استعادة الديار والارض المسلوبة بانه إرهاب دولي يهدد الأمن والسلام في العالم.
اسرائيل التي جعلت الإرهاب دولة، تحاول الربط بين النضال الفلسطيني العفوي أو المنظم وبين «داعش» لتسوق لنظرية قديمة باهتة ومنفرة بان الإرهاب واحد ان كان في تركيا أو العراق أو باريس أو لندن وكذلك في القدس، وان حربها على الفلسطينيين يجب ان تحظى بالغطاء الدولي والشرعي على غرار التغطية المتوافرة للائتلاف الدولي الذي يخوض حربا ضد التنظيم المتطرف في اكثر من مكان.
اسرائيل لم تنفك تبحث عن الذرائع لابتلاع القدس وتهويدها. وكل الوان الطيف السياسي الإسرائيلي الحزبي والحكومي تجمع على ان الحل في مدينة القدس امني - عسكري وليس حل سياسي،فالحل السياسي في عرف الحكومة الإسرائيلية يعني التنازل امام ما يسمى بالإرهاب. لم تعدم وسيلة قمع الا وجربتها في حق المقدسيين من هدم منازل، وطرد وابعاد واحتجاز جثامين الشهداء والقتل بالدم البارد والتصفيات الجسدية والإعتقالات بالجملة، ومع ذلك لم تحظ بالامن ولن تحظى به طالما هناك فتيان وفتيات في المدينة مثل فادي وميساء ومحمد الخضير.
ولعل القرار الأخير لمجلس الأمن الذي أكد على عدم شرعية الاستيطان ودعا حكومة الإحتلال إلى وقفه في القدس والضفة الغربية، وكذلك القرار الذي اتخذته أيضاً لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو قبل ذلك،بأن كل الإجراءات الإسرائيلية في البلدة القديمة ومحيطها غير شرعية ومخالفة للقوانين والإتفاقات الدولية،تشدد على الرسالة نفسها بأن لا اعتراف بشرعية الضم للقدس والقدس غير موحدة. والعملية هي رسالة ايضا للولايات المتحدة ورئيسها الجديد دونالد ترامب بان قراره المزمع بنقل السفارة الاميركية من تل ابيب إلى القدس، لن يشرعن الاحتلال بل من من شأنه صب الزيت على النار،ودفع الصراع نحو مدايات وسقوف أعلى في فلسطين والمحيط،فعلى رغم حالة الإنهيار العربي،والدخول في الحروب المذهبية والطائفية وتراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية، تبقى القدس قبلة الاجماع العربي والإسلامي والمسيحي ايضا، ولا يمكن لأحد أن يتخلى عنها،او يقدم تنازلات تمس بطابعها الروحي والسياسي.
راهنت اسرائيل طويلا على ان ابناء الجيل الثالث للنكبة سينسون مفتاح الدار ويتخلوا عن الارض وبساتين الليمون والزيتون في مقابل اغراءات مادية أو معيشية تافهة. لكن كل يوم يؤكد احفاد الاحفاد ان مفاتيح البيوت القديمة المسلوبة في القدس وحيفا ويافا واللد لا تزال في الصدور وفي القبضات، وان الفلسطيني لن يستسلم حتى يستعيد حق العودة. بيد ان مواصلة الصمود يحتاج إلى وحدة فلسطينية وتلاحم والى قيادة وبرنامج على قدر التحدي الكبير.. يا للاسف هذه الشروط غير متوافرة حتى هذه اللحظة رغم الكم الهائل من التضحيات.
بقلم: أمين قمورية
copy short url   نسخ
11/01/2017
4345