+ A
A -
قبل أيام توجه شاب أميركي يحمل سلاحا إلى مطار فلوريدا وبدا بإطلاق النار قتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص وجرح العشرات، وقبله بيوم أو يومين، وتحديدا في ليلة رأس السنة،قام شخص يرتدي لباس بابا نويل باقتحام مطعم مشهور في مدينة اسطنبول التركية وقام بإطلاق النار على المحتفلين وقتل ما لا يقل عن أربعين شخصا وجرح حوالي سبعين آخرين، وإن أردنا تعداد الحوادث المشابهة للحادثتين خلال السنوات الماضية تحديدا، وقبلها بتواتر أقل، لذكرنا عشرات الحوادث على امتداد العالم.
ومع كل حادث قتل يرتكبه مسلمون أو عرب يرتفع الصوت الغربي بوجوب مكافحة الإرهاب وإعلان الحرب عليه والقضاء عليه من جذوره، ومع كل حادثة قتل يقوم بها أوروبي أو أميركي ضد مواطنيه يرتفع الصوت لدى المسلمين والعرب، الذين وصموا بوصمة الإرهاب لدى الرأي العام الأوروبي، بوجوب الكيل بمكيال واحد لهذه الحوادث، واعتيار القاتل الأوروبي أو الأميركي إرهابيا أيضا!.
المطلب يبدو محقا في ظاهرة ولا غبار عليه، وهو ما تتطلبه العدالة الإنسانية، ولكن هل حقا الحادثتان المذكورتان في بداية المقال(فلوريدا واسطنبول) متشابهتان من حيث الأهداف الكامنة وراءهما؟ فمع أن مرتكبي الحادثتين يصنفان تحت بند (القتلة والمجرمين) فهل يمكن أن تكون دوافعهما مشتركة ومتشابهة؟ وهل يصح أن نطلق مفردة الإرهابي على القاتلين؟ فالإرهاب حسب التعريف الجنائي له هو: «تلك الأفعال العنيفة التي تهدف إلى خلق أجواء من الخوف، ويكون موجهاً ضد مجموعة دينية أو سياسية أو عرقية، أو بهدف أيديولوجي. أو حرب الدول أو التكتيكات التي تستخدمها منظمات إجرامية «يتضح من التعريف السابق أن وضع حادثة إجرامية ما تستهدف مجموعة غير محددة ولا رابط بينها تحت بند الإرهاب يفترض أن منفذها ينتمي إلى إيديولوجية معينة سياسية أو دينية أو عرقية، وهو جزء من مجموع مدرب ومنظم ومجهز فكريا ولوجستيا للقيام بهذا الفعل الإجرامي، وهو ما ينطبق على كل المنتمين إلى داعش حاليا وإلى القاعدة سابقا، فكل الأعمال الإجرامية التي تتبناها منظمات أو أحزاب ستنصف تحت بند الإرهاب، بينما لا يتم وصم القاتل بالإرهاب إن لم تتبن منظمة ما فعلته، حتى لو كان مسلما أو عربيا.
صنفت منظمة الألوية الحمراء ذات يوم تحت بند الإرهاب واعضاؤها تسموا بالإرهابيين، في المنطق ذاته، منطق العدالة والقانون الجنائي، من العار أن تحيد حروب الأنظمة ضد شعوبها عن تهمة الإرهاب، فما تفعله هذه الأنظمة يدخل في صميم تعريف الإرهاب، كذلك ما تفعله الدول الكبرى في حروبها ضد الآخرين، بهذا أيضا ستصنف كل الحروب والفتوحات والغزوات والحملات عبر التاريخ بالإرهاب، فكلها قامت ضد مجموعات دينية أوعرقية أوسياسية، الحروب الحديثة كذلك، ماتقوم به الأنظمة الديكتاتورية ضد معارضيها أيضا، التحالفات العسكرية بين الدول الكبرى والصغرى ضد هدف معين يصنف تحت هذا البند، أمثلة الإرهاب حسب التعريف الجنائي لها أكثر من أن تحصى عبر التاريخ،البشري قديما وحديثا.

بقلم : رشا عمران
copy short url   نسخ
10/01/2017
3725