+ A
A -
لا يستطيع الإنسان وهو يتابع الفظائع والمذابح والجرائم البشعة التي تجري على أيدي المليشيات الشيعية المتطرفة في كل من سوريا والعراق إلا أن يقف مشدوهاً أمام وسائل وأساليب الحقد والكراهية التي تنفذ بها هذه الجرائم ضد أهل السنة العزل الذين عاشوا على مدى قرون طويلة مع هؤلاء في مجتمع واحد وبيئة واحدة وإذا كان لنا أن نتجاوز القرون الأولى التي لم نعشها ونقف فقط عند العقود الأخيرة التي كان الناس فيها يتجاورن ويتزاورون ويتعايشون دون أن يظهر غل أو حقد أو كراهية كتلك التي نراها فإننا سوف نتعجب كيف انقلب الناس في ليلة وضحاها إلى أشرار وغير آدميين إلى هذا الحد؟
دفعتني هذه الصورة وأنا أفكر فيها بألم إلى العودة إلى حرب البوسنة والهرسك التي قمت بتغطيتها بين عامي 1994 و1995 وكتبت عنها كتابا هو «تحت وابل النيران في سراييفو» رصدت فيه شيئاً من جرائم الحقد والكراهية التي ارتكبها الصرب ضد المسلمين ومن تلك الجرائم البشعة تلك التي كان الجيران الصرب يرتكبونها ضد جيرانهم المسلمين الذين كانوا يتعايشون معهم ويحضرون معهم أحيانا أعيادهم ويشاركونهم الفطور معهم في شهر رمضان، وكيف أن قادة الصرب عملوا على جمع جنودهم في معسكرات لتأجيج الكراهية في نفوسهم ضد المسلمين بحيث يتحول الشخص العادي إلى وحش كاسر وإلى آلة قتل مليئة بالحقد والغل والكراهية للآخر حتى لو كان يتعايش معه لسنوات طويلة، فالغل والحقد والكراهية هي التي أدت إلى أول جريمة بين البشر حينما تقاتل ابنا آدم وظلت صناعة الحقد والكراهية والحسد والغل في النفوس هي الحرفة التي يقوم بها شياطين الإنس حتى يحفزوا غيرهم للقتل، لاسيما إذا كان القتل على مبادئ باطلة أو دنيا زائلة، وحينما نطلع على ما تبثه بعض قنوات الشيعة المتطرفين وبعض المعممين ندرك سر هذه الكراهية وهذا الغل والحقد الذي يرتكب به هؤلاء جرائمهم فما يتقول به على أهل السنة من علماء الباطل يجعلهم يلغون عقولهم ويصمون آذانهم ويغلقون أعينهم وينطلقون بقلوب مليئة بالغل والحقد والكراهية ليقتلوا كل من يخالفهم، ولا يقفون عند حدود القتل بل إن الفظائع التي صوروها ويتفاخرون بها وينشروها على وسائل التواصل الاجتماعي تدل على أن صناعة الكراهية قد أخرجتهم من إطار البشر إلى إطار الوحوش الضارية، وهذه تكون الإجابة عن السؤال الذي يطرحه كثير منا حينما يشاهد هذه الفظائع ما الذي يدفع هؤلاء الناس إلى أن يمارسوا جرائمهم ضد أناس مسالمين أو نساء وأطفال بهذه الوحشية، إنها صناعة الكراهية ومعسكرات الشحن الطائفي التي تنزع الإنسان من آدميته ودينه وأخلاقه وتحوله إلى وحش كاسر لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً.

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
10/01/2017
53591