+ A
A -
للمكان سطوةٌ، تماما.. مثل الزمان.
يحنُّ المرءُ، لزمان ما، ومكان ما، لكن للمسافة- بين زمانين ومكانين- أيضا سطوة.
وكذا السطوة للمكان- الزمان- الجديدين..
سطوة من بعد سطوة، ولا فكاك
سطوة المسافة، لئيمة.. وكذا سطوة الزمان.
وليس هنالك،من لؤم أكثر لؤما، من ذلك الذي يدوسُ على المشاعر، والأحاسيس، ولا تهمه الدموع!
يتأوّه، من استبدّ به الحنينُ، إلى «الزمكان»: «آه يازمان الوصل بالأندلس».. لكن سطوة المسافة، تمدُّ لسانها:
النجمّ أقرب!
هو النّجمُ البعيدُ، دائما هكذا، يبدو أقرب للوصل.. والمسافةُ-إلى الزمان الذي كان والمكان الذي كان- حرمانُ دونه حرمان!
لكل إنسان في حياته، أندلسٌ مفقود، فما أكثر تأوّهات البشر، على مر التاريخ،
وما.. ما أكثر الدموع.
هل الموتى يبكون، في البرزخ؟
هل هم يبكون الدنيا- زمانا ومكانا- تلك التي شغلتهم عمرا، وما انشغلت بهم، غير شغلها، أن تذهلهم- بلعبها وغرورها.. تشغلهم عن التراب، ذلك الذي مامن بدُّه، بدُّ؟
أعرفّ أن الموتى يردّون السلام، إذ نرفعُ نحنُ إليهم السلام: يا أهل الدار الصامتين، سلام!
هم يردون السلام، لكن لولا كل هذا الضجيج في الدنيا، لكنا قد سمعناهم، يردّون: وعليكم السلام!
آه، ليس هو الضجيجُ..
إنها الدنيا، والدنيا وقرٌ في الأذن..
والدنيا عمى في العيون!
من؟،
من من الذين ( شقّوا)المقابر، من يستطيع أن يخبرني، ما إذا كان أهل المقابر يبكون الدنيا.
أيها الباكين عليها، مهلا،
ومهلا أيها الباكين منها،
مهلا..
المسافة من الدنيا إلى البرزخ، بطول المسافة بين نفسين، وما أقصر تلك المسافة بين النفس الطالع.. والنفس النازل!
ما اقصرها،
وما أكثر لؤمها، وهى- المسافةُ السطوة- تتخّفى هذه المرة، في ثياب اللهو،
في ثياب الغرور!
أيها الباكين عليها، منها.. مهلا..
ابكوا منها..
تلك التي لو دامت لك، ماكانت لغيرك، وهي إذ هي بعدك لغيرك، مااا.. ( ماااااااادوّامة)!
بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
09/01/2017
941