+ A
A -

كان العالم الألماني هانز سبيمان متخصصا في علم الأجنة، وقد استمر ثلاثين عاما في دراسة أجنة الحيوانات وحصل على جائزة نوبل في العلوم البيولوجية لاكتشافاته لبعض الأسرار عن نمو الجنين وتكوين الأنسجة، وأعضاء الجسم المختلفة.
وليس هناك ما هو أكثر دليلا على معجزة الخالق من تكون الجنين من بويضة ملقحة لا تكاد ترى، ثم يمر بأطوار كثيرة جعلت العالم الشهير (كوفيير) يكتب في تقديمه لأبحاثه في مراحل تطور الجنين قائلا: «إن ولادة المخلوقات هي أعظم أسرار الطبيعة على الإطلاق» وعبر عن ذلك أيضا عالم الوراثة الشهير» ب. ولسون» قائلا: «إن أعظم معجزة هي تشكيل حياة إنسان أو حيوان أو طائر أو حشرة أو أقل من ذلك في ترتيب الكائنات، فهى معجزة تنحني أمامها رؤوس العلماء.
والمعجزة في خلق ذبابة لا تقل عن معجزة خلق أكبر الكائنات بما في ذلك الإنسان العاقل المفكر الناطق القادر على الاختيار، حتى أن دراسة أطوار الجنين ما زالت حتى الآن غير مكتملة بعد عشرات السنين من تفرغ مئات العلماء في أكبر مراكز البحث ومعامل ومختبرات الدول الكبرى.
وقد أشار العالم الراحل الدكتور عبد المحسن صالح إن عملية تكون الكائن الحى هي من أعظم التحديات التي تجابه العلماء حتى الآن، فقد عرفوا منها القليل ولكن بقى الكثير، وكلما اكتشفنا شيئا جديدا أدركنا سنن الله في خلقه، وإبداعه وتكويناته الدقيقة، وإن متابعة تكوين الجنين تظهر أمورا مذهلة ليس لها مثيل على الأرض، فكيف تنشأ العين والأذن، وما هي حدود الرأس، وموقع الأطراف، ومن أي موقع ينشأ الجهاز العصبي أو الغضاريف والعظام، وما هي القوة التي توجه الخلايا الأولى وتضعها في موضعها ثم تدفعها إلى التشكل وتختلف من كائن إلى كائن آخر، ومن جنين إلى آخر، فليست كل الكائنات متطابقة بمواصفات واحدة، وليس كل البشر بنفس المواصفات ولكن هناك فروق بين فرد وآخر.
أما لو بحثنا في كيفية تكون عضو واحد من أعضاء جسم الجنين فسوف نصاب بالذهول، ويكفي أن نعرف كيف لاحظ العلماء تكوين العين على سبيل المثال، فهناك خلايا تختفي تحت خلايا أخرى رقيقة تغلف الجنين هي نواة لتكوين الجلد والبشرة، وبعد فترة زمنية مقدرة تتكاثر الخلايا التي تحت الغلاف وتنمو ثم تظهر في هيئة انبعاج صغير يتغير شكله بعد ذلك فيكون البداية لتكون العين حين تبدأ أعصاب تنمو وتتصل بموقع محدد في المخ وهو في بداية تكوينه، ثم يبدأ غطاء العين الخارجي في الانبعاج إلى الداخل ليبدو وكأنه فنجان ذو جدارين، ويتميز الجدار الداخلي إلى خلايا أخرى جديدة هي الشبكية ويتمدد الجدار الخارجي ويحيط بجسم العين ليحميها ويحدد شكلها، ثم تتحول خلايا البشرة إلى عدسة العين التي توجه الضوء إلى الشبكية، ثم تتحول خلايا البشرة إلى عدسة العين التي توجه الضوء إلى الشبكية، وبعد هذه السلسلة من التكوينات تبدأ القرنية في الظهور فتكون نافذة تحمى العين.
بقلم : رجب البنا
copy short url   نسخ
07/01/2017
5043