+ A
A -
الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى، حكمة قديمة وبليغة، لو تأملناها سلمنا بها ورددناها، ذلك لأن أي إنسان في مرضه لا يستمتع بأي شيء من أسباب المتعة والطيبات من الرزق التي أحلها الله، لا يستمتع بطعام ما حتى لو أحضروا له أمهر الطهاة على مستوى العالم، فإما نفسه قد تزهده أو أن الطبيب قد منعه، لأن تناوله يفضي به إلى الموت، كما لا يستمتع بالجديد من الملابس، حتى لو توفر له كبار المصممين وفتحت أمامه أشهر دور الأزياء في مدن لندن وباريس، فما فائدة اللبس الجديد على جسد مريض يتأوه صاحبه من شدة الألم؟ ولا تسعده أموال الدنيا، لأنها على كثرتها لم تستطع أن توفر له الدواء وترحمه من الداء، فكم سمعنا عن أصحاب رؤوس أموال تنوعت وتعددت من حسابات بنكية إلى شركات عالمية وناطحات سحاب عقارية، ولكن في نفس الوقت تكالبت عليه الأمراض، وتجمعت فيه العلل، فلم يستطع تناول وجبة صغيرة مما تشتهيها نفسه، بل يتمنى لو يدفع ماله كله في سبيل أن يتناول وجبة طعام من تلك التي يتناولها أفقر الناس مالا، وهذه الحالات تستحضر لنا موعظة الخليفة هارون الرشيد عندما سأله أحد الوعاظ:
- لو كنت في صحراء جرداء قاحلة لا زرع فيها ولا ماء واستبد بك الظمأ وشارفت على الهلاك وفجأة توفرت لك شربة ماء لتشتريها فبكم تشتريها؟، أجابه الخليفة أشتريها بنصف ملكي، فسأله الواعظ سؤالا ثانيا وقال:
- فماذا لو انحصرت وانحبست بداخلك شربة الماء ولم تنزل منك، فبكم تشتري الدواء الذي يخلصك منها؟، فأجاب الخليفة: بنصف ملكي الآخر!.
الخلاصة من هذه الموعظة أن الأملاك مهما تعاظمت والاموال مهما كثرت لا تساوي شيئا بجانب نعمة الصحة.
أتيت بهذه المقدمة الطويلة للثناء على مبادرة وزارة الصحة العامة بالتوجه نحو إنشاء هيئة للدفاع عن المرضى تعمل كطرف ثالث نزيه وأمين، للبحث في شكاوى المرضى بتجرد وموضوعية، ومن ثم تقديم الحلول السليمة لهم، والتخفيف من آلامهم، ذلك لأن الإهمال في حقوقهم يضاعف من معاناتهم، فالآلام النفسية تفوق في كثير من الأحيان الآلام البدنية.
تستحق صحة المواطن هذا الاهتمام، كي يقوم بدوره على أكمل وجه في مسيرة التنمية، ولا يقدر على هذا إلا من هو معافى في بدنه، فالعقل السليم في الجسم السليم، ودولتنا مشكورة قد وفرت كل الإمكانات من أجل صحة المواطن.
شكرا لوزارة الصحة على هذا المبادرة، ونحن جميعا في انتظار سرعة تنفيذها، حفظنا الله وإياكم من كل مكروه، وأدام علينا جميعا نعمة الصحة والعافية.

بقلم : آمنة العبيدلي
copy short url   نسخ
05/01/2017
1622